كنت مسرعا ظهيرة يوم أمس اللاهب، للذهاب إلى نقابة الفنانين، الواقعة في نهاية شارع الرشيد. اتخذت من شارع أبي نؤاس مسارا علني احظي بظل من فيء! استوقفني ( في حقيقة الأمر جعلني اهرول خلفه) رجل اربعيني وضع نهاية بنطاله في جواربه الطويلة مرتديا حذاء رياضيا، أغلب الظن عثر عليه في زاوية ما وهو يجوب الشوارع، كان يحمل بيده اليسرى كيسا كبيرا يخط في الأرض مع ظله. كان يجمع علب المشروبات الغازية والعصائر الفارغة. استهوتني اللعبة، وهي أن أركض خلفه طارحا عليه سؤالي الذي تبدد في هواء أبي نؤاس الساخن.حثثت الخطى واعدت السؤال:?- استاد! كم تستطيع أن تعبئ في هذه ( الكونية )؟

عشرة كيلو - وبكم تبيعها؟

خمسمائة كانت اجوبته مقتضبة. - كم ساعة تعمل في اليوم؟

من تطلع الشمس إلى أن تغيب.. أجمع اثنين ومرات اتلاثة اذا اكو مناسبة!. يبدو أنه أراد أن يروي فضولي إلا أني الححت: - ايجار لو ملك؟

لا هاي ولا ذيج . . حواسم! - شكو عليك م تدفع ايجار! هنا وضع الكيس على الأرض وسحب نفسا من نصف سيجارة دافعا الدخان مع حسرة كنت أخشى عليه ان تتكسر أضلعه من شدتها.

عمي الله وكيلك غرفة وحدة واحنه أربع اطفال والحرمة. قابل أمحوسم القصر الجمهوري؟! عبر الشارع الى الجهة المقابلة وتركني مع عديد من الاسئلة تدور في رأسي عن العدالة والبطالة وتوزيع الثروة وشعارات فارغة مثل «لكل مواطن بيت» أو «البيت لساكنه» ! لم تبق الا مسافة قصيرة للوصول إلى النقابة إلا أن الأسئلة تولد أسئلة أخرى: عن الاهدار والسرقة والفساد. عن تأمين عمل للمواطن وضمان وضعه الصحي والاجتماعي ! عن المرتبات المليونية لأعضاء البرلمان والدرجات الخاصة. لا أعرف مرتب الوزير بالضبط، كم سيكون مع النثريات والمخصصات ومرتب?ت الحماية ؟ لكني متأكد ان الوزير يتقاضى ستين مليون دينار سنويا كبدل ايجار! وله الحق بتقاضي هذا المبلغ السنة الأولى من التقاعد، وهذا يعني بأنه يتقاضي خلال خمس سنوات( فقط بدل ايجار) ما قدره 300 مليون دينار، واذا ما ضاعفنا المبلغ على عدد الوزراء بافتراض وجود عشرين وزيرا فإن المبلغ سيتضاعف ليصل الى ستة مليارات دينار!! كم مجمع سكني نستطيع أن نبني بهذه المبالغ وخاصة إذا أضفنا اليها مخصصات بدل ايجار لوكيل الوزارة والبالغ 36 مليون دينار سنويا كحد اعلى؟

صوالسؤال السريالي الاخير هو كم علبة يتوجب على ذلك الرجل التقاطها من الشارع لكي يجمع مبلغ بدل ايجار الوزير لسنة واحدة؟!