المنبرالحر

تدهور شامل* / ئاشتي

يلتم الليل على روحي بكل غيلانه، ويستنزف من خلاياي كل وميض أمل حتى لكأنني أمسي شبح أوهام، لا يسترد عافيته إلا بعد دهر من التغيرات، فما عادت تنفع معه صلوات الاستسقاء كي ينزل مطرا أخضرا يروي هذا العطش في الروح، عطش لكل شئ، عطش للفرح، عطش للحياة، عطش للمحبة، عطش للسعادة، عطش للسير في الشارع من دون أن تعترض طريقك سيطرات الشرطة أو الجيش، عطش للحب بدون رقيب، عطش للنوم صيفا على سطح الدار، عطش لمشاهدة فلم في دار سينما، عطش لحضور عمل مسرحي، عطش للحياة بكل جمالها، لا تحمل بين ثناياها عناوين القتل والموت المجاني، مثلما لا تحمل تحت أجفانها غضون التعب المر من أيام الحرمان والبؤس والتخلف، فما عاد لسنوات العمر من بقية كي ننتظر طويلا، لقد تعب جيلنا نحن الذين في طريقنا لنهاية العقد السادس من عمرنا، مثلما لف اليأس بعباءته الشباب الطامح لمعنى الحياة، وذلك بسبب حالة التدهور، والذي هو في حقيقته تدهور الحكم عندنا وأزمته.
يلتم الليل بكل غيلانه على روحي، ويستنزف من خلاياي كل وميض أمل لكأنني أمسي شبح أوهام، ما دامت عافيته بيد الذين يمسكون بذراع المقلاة، هم وحدهم من ْيتحكم بحرارتها، وهم وحدهم منْ يجعل الأخرين ينضجون حد الاحتراق، وأعني ذلك بكل صدق نساء الجنوب، وبكل نقاء فتيات كردستان، هم حكامنا بكل مستويات طبقاتهم وزراء وبرلمانيين، فمن يستطيع أن يفسر سبعة عشر تفجيرا في بلد مثل العراق؟ وأية دولة هذه التي تخترقها كل هذه التجاوزات الأمنية؟ وأية سلطة تشريعية تلك التي يستمتع أعضاؤها بأجازة في ظل أوضاع أمنية ملتهبة؟ أن كل ما يجري من تدهور في حياة بلادنا، لا يعبر إلا عن تشخيص دقيق لحالة التدهور التي يعاني منها حكامنا، والتي هي في حقيقتها تعبر بصدق عن قصور في فهم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، كيف لهم أن يواجهوا أطفال الذين قتلوا دون ذنب؟ وبماذا يجيبون على تساؤل زوجات وأمهات الذين قتلوا؟ فلو حدث ذلك في بلد يحترم ألإنسان، لقـُدمت حكومته لمحاكمة علنية.
يلتم الليل بكل غيلانه على روحي، وكأن قيامة الشاعر عريان سيد خلف تنفض عن نفسها غبار أكثر من عشرين عاما، لتعلن هذه المرة عن تدهور حكامنا.
(قامت والمناير تختل ويه الناس
وتخاوي الرصاصه الصگر والعصفور
قامت والبشر مو بشر غابة زور
يحصدهه العصف ويلوچه التنور
حته الماي ورث والتوى الصفاف
شاحب والنهر من كثر غيضه يفور
والموت بصلافه يدگ عله البيبان
ويوزع عليهه السدر والكافور
إهنا دفتر كتابه إهنا حمامة بيت
إهنا وصلة جديله بچف طفل مبتور)
• نشرت هذه المادة في جريدة (طريق الشعب)يوم الأربعاء 31 تموز 2013