المنبرالحر

شتان بين تجارة وتجارة / إبراهيم المشهداني

العراق يستورد الإبرة والطائرة سواء كانت مدنية او عسكرية وبين هذه وتلك الكثير من السلع غير الاقتصادية لأنها رديئة الصنع ومعظم السلع المستوردة تلبي حاجات استهلاكية معينة وهذه الأخرى متعددة فبعضها ضروري كالأدوية بأنواعها مثلا وبعضها ترفي تقررها القدرة الشرائية للمستهلك كالسيارات عالية الثمن. وقد يشكل هذا التفاوت مشكلة تتجلى في تسريب العملة الصعبة التي تشكل هدرا للمال المتأتي من واردات تصدير النفط خاصة وان اوضاع بلادنا الحالية بأمس الحاجة إليها.
بيد ان الشيء الاهم والأخطر في كل ذلك أن هذه السلع فيها قدر كبير من الضرر ، فمديرية صحة الرصافة أعلنت ان في الرصافة وحدها تعرض 92 طفلا الى اصابات متفاوتة من جراء اسلحة العاب الاطفال التي تستخدم الاطلاقات البلاستيكية، التي يستوردها تجار شرهون وربما مثلها في جانب الكرخ خلال ايام عيد الفطر وهذا يتكرر في كل عام ، وبالتالي ما الفرق بين الاصابات الناجمة عن "غزوات" الارهابيين وبين "غزوات" التجار ما دام الانسان هو الهدف سواء كان طفلا صغيرا او شيخا كبيرا؟ وبهذا تكون في هذه التجارة خسارتان خسارة مالية وخسارة بشرية ليس لشيء إلا لان التاجر الجشع يريد تحقيق اقصى الارباح ولياتي من بعده الطوفان، هذا في الوقت الذي يتعرض الميزان التجاري الى العجز منذ عشرات السنين اذا استثنينا تصدير النفط من المعادلة. من المفروض ان تكون السياسة التجارية التي ترسمها الدولة ،مبنية على اساس حاجات التنمية الاقتصادية ،وتنمية العلاقات الاقتصادية مع الدول الاخرى على اساس متكافئ بهدف اعادة التوازن الى الميزان التجاري ولغرض تطوير العلاقات الدبلوماسية بما يحمي الاستقلال السياسي والاقتصادي واستحصال مواقف ايجابية لتلك الدول بما يدعم حربنا ضد الارهاب ومواجهة اخطاره ليس على العراق وإنما على كافة دول العالم فلا تتصور ان هناك دولة محصنة ضد هذه المخاطر.
من هنا يتعين على الدولة ان تعيد النظر بسياستها التجارية بعيدا عن الفوضى السائدة في اللحظة الراهنة والكف عن حرية انتقاء السلع والبضائع التي تلحق الضرر بالعراق اقتصاديا واجتماعيا من قبل التجار ، وما دمنا نتحدث عن استيراد لعب الاطفال بأشكالها المختلفة كالرشاش والمسدس والمفرقعات الاخرى التي تزيد من الضوضاء وأثارها المدمرة على حياة الطفل صحيا وتربويا فلابد ، من اتخاذ الاجراءات التي تحمي الاطفال من الاذعان لثقافة العسكريتاريا وسن القوانين اللازمة لذلك وخاصة قوانين منع الضوضاء ووضع البرامج الخاصة بتربية الاطفال داخل المدرسة بأفكار المحبة والسلام وإبعاده عن قرقعة السلاح بكل اشكالها المحرضة على العنف ومنع استيراد هذه الالعاب واستبدالها بالألعاب المنمية للذهن كألعاب الميكانو مثلا وكإجراء مستعجل يتوجب فرض رسوم عالية على مستوردي الالعاب الضارة ،وهذه الاجراءات لا يمكن تنفيذها ما لم تكن الاجراءات حازمة ورقابة نزيهة وهذا ليس بالمستحيل عندما تكون النوايا صادقة وللأسرة دور في مراقبة اطفالها ومنعهم من شراء هذه الالعاب.