المنبرالحر

حكومة انشائية / قاسم السنجري

تحاول الحكومة والقوى المتنفذة معها، امتصاص زخم التظاهرات الحاشدة التي خرجت في بغداد والمحافظات للمطالبة بتوفير الخدمات وابعاد المفسدين وملاحقتهم، ويبدو أن الحكومة تعيش في ترف لغوي واسهاب إنشائي تستمده من حملات انتخابية سابقة ما زالت القوى المتنفذة تعيشها إلى الآن. فالحكومة ورغم استشعارها بشدة الأزمة التي يعاني منها الشعب العراقي بمختلف شرائحه، سواء كانت أزمة اقتصادية أو خدمية، فهي لا تملك سوى اسلوب تدبيج العبارات المنمقة والأعذار الجاهزة، كما أنها إلى الآن تعيش في هاجس المؤامرة الذي تحاول تعميمه على كل صوت?يطالب بحقوقه في الخدمات والعدالة الاجتماعية. لم تكن الإجراءات والقرارات التي اتخذتها الحكومة بعد التظاهرات الحاشدة؛ بحجم المطالب ولا تدنو من هموم المشارع الذي خرج في الشوارع الرئيسة لبغداد والمحافظات، حيث اكتفى رئيس الوزراء ببيان مقتضب واجتماع شكلي مع وزير الكهرباء الذي خرج مظلوما وباكيا وشاكيا من قوى تتربص به، وكأن السيد العبادي قد صدقه وكذّب الاصوات الصادحة في ساحة التحرير. إن إنشائية الحكومة سوف لن تستطيع تقديم حل حقيقي لأزمة الكهرباء وغيرها من الأزمات، فقد اعتدنا على اطلاق الوعود دون أن تنفذ. وكان حريًبرئيس الوزراء أن لا يقع بالخطأ الذي وقعت به الحكومة السابقة حين تجاهلت مطالب المتظاهرين وكالت للناشطين المدنيين التهم فضلا عن اسلوب القمع والاعتقال الذي تعرض له المتظاهرون. وكان على السيد العبادي أن ينتبه إلى ان مطالب المتظاهرين أتت لدعمه في بناء حكومة قوية لا تربطها بالمفسدين اية علاقة، بل وتقوم بنبذهم من الكابينة الحكومية وعدم اخضاع القرار الحكومي للرغبات الشخصية والمنافع الشخصية، حيث لوحظ أن الكثير من لقرارات التي اتخذت لمعالجة الأزمة الاقتصادية تصب في صالح بعض المتنفذين في الحكومة وان ما حدث للأسف ا?شديد هو انشغال القوى السياسية بعقد اجتماعات ظاهرها مناقشة المطالب المشروعة للمتظاهرين، ولكن هي في حقيقتها مناقشة حول تقاسم مناصب الهيئات المستقلة والتخاصم بشأن المكاسب.
إن البلاد تسير نحو هاوية اقتصادية يتم تحميل المواطن ثقلها بالكامل، من خلال فرض ضرائب بأرقام فلكية لم تفرض على اي مواطني أية دولة بمثل إمكانات العراق الاقتصادية عانت من تقشف اقتصادي، وهذا يشير وبقوة إلى أن هناك فجوة كبيرة بين الحكومة والشعب، فالحكومة تفكر بعقلية اقتصادية مشوهة فلا هي ليبرالية جديدة، ولا هي سوق مفتوحة ولا رأسمالية بشكل صحيح، فقد تم تحويل الاقتصاد العراقي إلى اقتصاد ارتجالي هيمنت عليه قوى امتلكت زمام القرار السياسي واخذت بكتابة قوانين وتشريعات تخدم مصالحها وتكون حائط الصد ضد أي إجراء قد يؤثر ?لى اكتناز المال في خزائن الأحزاب المتنفذة.
إن على الحكومة أن تغيّر من طرق تعاملها مع الواقع والمتغيرات وعلى القوى المتنفذة مراجعة حساباتها جيداً قبل أن تستفحل الأمور وحينها لن يمكن التراجع ولا المراجعة، فالشعار الذي يرفعه الناشطون والمواطنون هو الإصلاح، فلا تفرطوا بالإصلاح.