المنبرالحر

تطوير التعليم مهمة وطنية / صباح جاسم جبر

ليس هناك امل لأي مجتمع في الحياة من دون منظومة تربوية تعليمية حديثة ومتطورة، وان تشييد وبناء تعليم عصري يستلزم اجراء تغييرات علمية وعملية في بنية وفكر المنظومة القائمة وفي مقدمتها الاعتماد على المنجزات العلمية والتكنولوجية والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة في مجال التعليم وبناء المدرسة الحديثة النموذجية التي تعتمد الاساليب العلمية والتطبيقية، وكل ذلك يحتاج الى عمل دؤوب ومتواصل والى وقت وجهد بشري وتخصيصات مالية كبيرة لتحقيق الهدف المنشود.
ان عملية الارتقاء والنهوض بالتعليم تحتاج الى مساعدة الدولة لبناء القاعدة الاساسية للمنظومة التربوية والتعليمية، اما الجهود الفردية التي تتناول اصلاح هذا المكان او ذاك او انشاء مدرسة نموذجية رغم اهميتها في هذه المنطقة او تلك فإنه لا يتم من خلالها اصلاح وتغيير كامل البنية التحتية لمنظومتنا التعليمية، إذ ان تخلفها ناجم اساسا عن تخلف الفكر التربوي والسياسي وانعدام الوعي المجتمعي والتخلف المزمن في طبيعة النظام الاقتصادي والاجتماعي، واصلاحها لا يمكن ان يتم وسط ادارة بيروقراطية متخلفة، وفي ظل مجتمع تسوده الامية والفقر والجهل ضمن نظام سياسي لا يؤمن بالحريات الديمقراطية.
ومن المعلوم ان الديمقراطية لا تنمو ولا ترتقي الا اذا توفر الوعي الاجتماعي من خلال القضاء على التخلف والامية والفقر، وذلك لا يتم الا بالتطبيقات الناجحة والمتطورة للعمل التربوي والتعليمي الذي يؤمن بالقيم المدنية والمساواة المجتمعية وروح التسامح ونبذ روح التفرقة والطائفية واشاعة روح المواطنة.
ان الفلسفة التربوية- التعليمية القائمة تنظر الى التعليم كونه عملية حفظ التراث الاجتماعي وان وظيفة المدرسة تقتصر على نقل التراث الثقافي من جيل الى آخر، وان الطريقة التدريسية المعتمدة حاليا تستند الى الحفظ والتلقين، في حين ان وظيفة المدرسة في البلدان المتقدمة هي اطلاق وتنمية المواهب وتعزيز القدرات وادراك المشكلات المجتمعية والعمل على حلها وتحسين المستوى المعيشي وايجاد نوع من التوازن بين حاجات الفرد وميوله وحاجات المجتمع وتنميته وبين الاهتمام والعناية بالتراث البشري كون الفلسفة التربوية- التعليمية هي التطبيقات العملية لمجموعة النظريات والافكار المتصلة بالحياة وتنظيمها في منهج خاص من اجل تحقيق الاهداف المرغوب فيها.
ان منظومتنا عليها مسؤولية الانفتاح على العالم المتطور والاستعانة بالتجارب الانسانية المتقدمة في مجال التعليم، وان تكون على معرفة شاملة وواقعية بما يجري في العالم المتقدم من تطورات على صعيد العلم والمعرفة، وفي مجال التطبيقات التكنولوجية.
ولكي يكون التعليم عنصرا فاعلا في تنمية المجتمع والارتقاء به فمن الضروري العمل على تطوير المناهج بما ينسجم مع التطورات الهائلة على مستوى العالم، ما يؤدي الى انتاج قوة بشرية متطورة ومدربة وفاعلة في الحياة، من اجل تأمين تنمية اقتصادية واجتماعية وفكرية وتربوية مستدامة ومتطورة.