المنبرالحر

هل الإكثار من التعديلات على قانون الاستثمار هو الحل؟ / ابراهيم المشهداني

وعدت عضو البرلمان العراقي نوره البجاري بتشريع التعديل الثالث لقانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 وقالت ان هذا التعديل المرسل الى البرلمان من هيئة الاستثمار الوطنية بحاجة الى دراسة معمقة نظرا لاحتوائه على الكثير من المشاكل لكنها ادعت ان التعديل الثالث سيحدث طفرة نوعية في مجال الاستثمار بسبب ان العراق يمتلك البنى التحتية للعمل .
ولست متأكدا ما اذا كانت مسودة التعديل الثالث الذي تحدثت عنها النائبة تمتلك كل هذه المقومات التي تحقق الطفرة النوعية في عملية الاستثمار . هذا التفاؤل ظهر لدى العديد من الاقتصاديين عندما شرع قانون الاستثمار في عام 2006 حتى ان بعضهم توقع ان يكون العراق ماليزيا او سنغافورة الشرق الاوسط. ونجم ذلك عن كثرة اللغط الاعلامي الذي احيط به والإفراط في وعود الدول المانحة بدفع من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي اللذين تقف وراءهما الولايات المتحدة وهي تبشر بانجاز نموذج متفرد في التطور والنمو الاقتصادي في هذه المنطقة. وقد صدقتها دول الجوار التي ازدادت رعبا، ما دفعها لاتخاذ مواقف عدائية ودعم القاعدة للقيام بإعمال ارهابية وتخريبية ضد العراق ، الذي كان بحاجة الى الاموال لإعادة البنية التحتية التي خربتها الحروب. وكان ذلك قبل ان تتحقق الطفرة الكبيرة في اسعار النفط، والتي ذهبت ايراداتها ادراج الرياح بسبب نمو معدلات الفساد والهدر المالي بدلا من النمو الاقتصادي وتوظيف اموال الدولة في القطاعات الاقتصادية السلعية وتجاوز الخراب الاقتصادي والاجتماعي .
لقد بينت نتائج الدراسات الاكاديمية والندوات التي اقامتها مراكز الابحاث داخل العراق وخارجه ومثلها الأبحاث الاقتصادية المنشورة ، ان الاستثمار في العراق يواجه طائفة كبيرة من التحديات، لعل ابرزها التحديات الامنية ابتداء من الحرب الطائفية مرورا بتنامي دور القاعدة وصولا الى الدواعش الارهابيين واحتلالهم ثلث الاراضي العراقية. وقد اسهم ذلك في استكمال تخريب القاعدة التحتية التي تحدثت عنها الست النائبة. وهذا هو العامل الثاني الذي يبعد المستثمر الاجنبي ان لم نقل العراقي عن ممارسة نشاطه الاقتصادي. وكما هو معروف ان القطاع السياحي هو القطاع الواعد في اجتذاب المستثمرين، لكن هناك في جهاز الدولة من ينظر الى هذا النشاط كواحد من المحرمات، ما يذكرنا بغزوة فندق فلسطين خلال ايام عيد الفطر، في وقت تتخذ فيه إيران الدولة الدينية المجاورة خطوات ملموسة لدعم قطاع السياحة بإلغاء الفيز عن سبع دول، وهذا هو التحدي الثالث.
كما ان ضعف الخدمات المصرفية لا يقل شأنا عن بقية العوامل في تأثيره على عملية الاستثمار وبدلا من ممارسة هذا الدور اتجهت بعض المصارف الى قطاع التجارة وانغمرت في ممارسة المضاربة وغسيل الاموال ، بالإضافة الى كل هذه التحديات يأتي ضعف الخدمات الساندة مثل خدمات الكهرباء والطرق وتسهيل الاجراءات الادارية، دعك عن عمليات الابتزاز التي يمارسها الفاسدون اتجاه المستثمرين المحليين. فهل يحتمل رأس المال كل هذه التحديات والضغوطات وهو الذي يوصف بالجبان.
من هنا يتعين النظر الى الاستثمار من خلال كل هذه العقبات من الحكومة والبرلمان والمؤسسات الاقتصادية المستقلة والحكومية والانطلاق بواقعية الى حل هذه الإشكالية الكبرى. وحيث انها بحاجة الى وقت فان الدولة معنية بالشروع بالأولويات المتاحة وفي مقدمتها تنشيط استثمارات الدولة في دعم القطاعات السلعية من خلال التخصيصات المالية في الموازنات السنوية، والبدء منذ الان في الاعداد لموازنة 2016. بالإضافة الى ذلك تفعيل عمليات المشاركة بين القطاع العام والقطاع الخاص في مجال القطاعات السلعية والخدمية، وتفعيل دور القطاع المصرفي من خلال البنك المركزي وتوجيه هذا الدور في عمليات الاستثمار عبر القروض والتسهيلات المصرفية , والعمل على تخصيص الاراضي لإغراض الاستثمار عن طريق عقود المساطحة لفترات طويلة او حتى تمليك الاراضي والتخلص من عقد لا تتماشى مع متطلبات المرحلة الراهنة خاصة في المحافظات المستقرة امنيا.