المنبرالحر

عجائب العراق السبعة وأكثر../ د.محمود القبطان

في العالم القديم هناك عجائب الدنيا السبع ومن بينها حدائق بابل المعلقة والهرم الكبير في الجيزة وتمثال زوس باولمبيا اما في العالم الجديد وفي العراق حصريا فهناك عجائب الدنيا التي اذهلت العالم في كثير من الامور والتي لم يتوصل اليها اشهر العلماء والخبراء وربما تصل عجائبنا اكثر من سبع وبذلك نكون اول دولة في العالم في هذا المجال مثل ما نبني اكبر مصفاة نفط ونصدر الكهرباء خلال فترة وجيزة جدا ومياه الرصافة الاكبر في الشرق الاوسط الخ... لكننا ننتظر عجائب اخرى وكثيرة.
1:الفساد،لم يتعد خط اكبر دولة فيها فساد اداري ومالي إلا الصومال الفقيرة فلم تبقى مؤسسة او وزارة في العراق إلا وانتشر فيها سرطان الفساد من اعلى الهرم الى الفراش وحامل اكواب الشاي للموظفين. فعقود البناء والاعمار وشبكة الكهرباء والماء والطرق والجسور والرواتب للفضائيين قد سجلت اعلى الارقام في سرقة اموال الشعب والاجيال القادمة.
2:فشل سياسي، فقد فشلت الاحزاب الشيعية في ادارة الدولة فشلا ذريعا وبدأ الخصام من خلال التحالف الوطني. فكيف يكافح الفساد من كان سارقا، بعلمه أو بدونه، لبنك الزوية، ومن كان يعلم بسجون سرية، ومن كان على علم بقتل الصحافيين الوطنيين، ومن كان يأمر باستباحة مقرات الاحزاب الوطنية دون سبب، ومن فشل في اعادة الخدمات حتى على ما كانت عليه قبل 2003؟
3:ضرب الحريات، فقد تقلصت الحريات بكافة انواعها، حيث كان الأمل ان تنتصر هذه القضية لتكون اول المكتسبات بعد سقوط النظام البعثي الفاشي في حين نرى ان ضرب تظاهرات 2011 في البصرة والحلة وبغداد وانزال قوات سوات بأمر من رئيس الوزراء السابق لابل تعذيب ومن قتل احد نشطاء تلك التظاهرات في بغداد، الاعلامي هادي المهدي، واعتبار الجريمة جنائية!! ولو بالكاتم اضافة الى تعذيب زملائه بشكل لا يقل وحشية عما كان يجري في اقبية نظام صدام الدموي. تقليص الحريات الصحفية ومنها غلق بعض الفضائيات التي لم تأتمر بأمرة المالكي تحديدا ولمدة 8 اعوام عجاف بينما كانت الجزيرة والعربية تسرح وتمرح في ربوع العراق.
4:الاقارب والابناء في المقدمة، وكانت سياسة ممنهجة لتوريث الابناء واحتلال الاصهار والاقارب وافراد الحلقة الاولى في الدولة لتستولي على كل الوظائف وما تبقى كان ومازال يخضع للابتزاز والرشاوى وحيث كان الشرطي يدفع آلاف الدولارات ليتعين في احدى المناطق ليبتز الآخرين بعد تعينه. وانتشرت رائحة سياسية نتنة حول فضيحة الفضائيين والمرافقين والحمايات والتي كانت تستنزف اموال طائلة من اموال الدولة وصلت الى عشرات المليارات من الدولارات.
5:فضائح التسليح، لم تسلم المؤسسة العسكرية من فضائح الفساد بكل اشكاله لان ما أن يسافر وفدا عسكريا لشراء الاسلحة حتى تطفو على السطح جثث الفساد السياسية من الكومينشات وشراء الاسلحة القديمة والتي لم تعد تستعمل من قبل بلدان المنشأ. لابل مازال العراق يستعمل في السيطرات ،التي لا تقدم ولا تأخر، اجهزة الكشف عن الروائح والعطور وحشوة الاسنان بدلا عن كشف المتفجرات والتي كان الهدف منها هذا، وبعد سجن بائع تلك الاجهزة للعلب الاطفال ب 10 اعوام في بلده نرى ان السيطرات مازالت تستعملها ومن خلالها تمر المفخخات والاسلحة لمجرمي داعش ولم تحاكم الفاسدين في هذه الصفقة المشينة.
6:الاستئثار بالسلطة، بعد ان اعلن السيسي في مصر انه لن يرشح نفسه للرئاسة وبعد استتباب الامر اليه وله فقط اعلن ان الشعب يريده واصبح رئيسا لمصر ،وعلى هذه الخطى سار المالكي بعد ان نُحيّ عن منصبه من قبل كل الاحزاب والدول المسيطرة على العراق ،وقد قال قبل ان تنتهي فترته المخزية الثانية انه لن يرشح نفسه لولاية ثالثة وقبل ان انزال الفاس براسه وجرد من منصب رئاسة الوزارة قال ان الشعب يريده لولاية ثالثة واستقتل لمنصبه مرة اخرى لكن الموجة كانت اعلى منه بكثير واندحر جارا وراءه نتائج خراب العراق واحتلال اكثر من ثلث اراضيه وتدمير البشر والحجر والشجر في تلك المناطق من قبل ارهابيي داعش القتلة.
7:انطلقت التظاهرات الجديدة المطلبية السلمية من اجل توفير الخدمات ومحاسبة الفاسدين وتطبيق القول من اين لك هذا، وهذا جاء على لسان العبادي اخيرا بان بعض الابناء للمسؤولين قد ظهرت لهم اموال وعقارات وسيارات ومصاريف تعدت حتى مصاريف رئيس الوزراء، توريث جديد لاولاد صدام وزمرته وهم الورعون والمتقون والمعممون واصحاب الخواتم والسبح واللحى وهم من يبسمل في كل كلمة ينطقها تراهم هم من اثرى على حساب فقر وتدمير الشعب والوطن، لكن متى الحساب؟ هل هي زوبعة في فنجان أم حقيقة سوف نرى من خلالها كشف كل الفساد المنتظر.، ربما الاسابيع القليلة القادمة سوف تضع العراق على المحك لان الانتفاضة قد بدأت وما عادت قوات سوات تنزل الى الشارع، ولا من يدافع عنها في ضرب المتظاهرين كما حدث في 2011.وعلى الاحزاب الدينية الفاشلة من كلا الطرفين ان تبتعد عن تسييس التظاهرات وان لا ترفع صور رجال الدين .ومن الملفت للنظر ان كتلة المالكي دولة "اللا قانون" تطالب باستمرار التظاهرات في حين نفس الكتلة كانت تدافع عن ضربها في 2011 لان المتظاهرين كان قد "اشتروا كل المقاصيص الكبيرة لاقتحام المحلات التجارية للتخريب" كما صرحت به حنان الفتلاوي قبل ان تستقل بكتلة خاصة بها.
8:وعجائب العراق والتي سوف لن تنتهي عند الرقم 7 الا وهي هوس الاقلمة، وقد كتبت عن هذا من قبل، لكن الملفت للنظر ومن جديد ان عراب اقليم البصرة لم يستكن له بال وفي خضم المواجهة مع داعش، يضغط ومن جديد بتجميع التواقيع من اجل رضوخ الدولة بتشكيل اقليمه ليكون رئيسا له لان ما وصل اليه وعبر كتلة دينية لم تشبع له غروره وجشعه لحد الآن، لكن لم يكن هذا هو الامر الاخطر وانما محافظة البصرة وواسط لن يطبقوا قرارات وزارية بالتعرفة الكمركية لان التجار سوف يتضررون منها واوقفوا العمل بها وكأنهم في دولة مستقلة خاصة بهم، وماذا سوف يفعلون لو شكلوا اقاليم خاصة بهم؟
9:...10...11... وسف تستمر العجائب العراقية بهذا الشكل مالم يحدث التغيير الحقيقي في ادارة الدولة لبناء دولة ديمقراطية حقيقية مدنية يكون القانون والقضاء هو الفيصل في حل كل الاشكالات بعد مراجعة حقيقية للدستور واقرار القوانين المهمة والملحلة والمؤجلة منذ اعوام عديدة. وتبتعد كل الطوائف والاحزاب عن الاعتداء على الحريات وعقد مؤتمرات لا طائل منها إلا لدعم فئة ضد فئة وعشيرة ضد عشيرة وكأننا في عهد ما قبل التأريخ.
هل يعي العبادي مدى خطورة الموقف ويتخذ المواقف الجدية لنقل العراق الى صف الدول التي سيود فيها القانون الحقيقي وليس قانون الافراد والعشائر والطوائف؟ نأمل ذلك وإلا سوف تستمر التظاهرات من اجل التغيير الى ان يحصل ونبني عجائب دنيا حقيقية نفتخر بها امام العالم في مكافحة الفساد وفي الاعمار وتقديم الخدمات ووضع الانسان المناسب في المكان المناسب .