المنبرالحر

الكل معك فلا تتردد! / مرتضى عبد الحميد

في لحظات نادرة من حياة شعبنا المبتلى بمجموعة من الديناصورات, يبسط التاريخ جناحيه على سعتهما, مرحبا بمن يمتلك ناصية الأمور, فاسحاً المجال أمامه لكي يدخله من أوسع أبوابه, انه الدكتور حيدر العبادي, الذي لم يحظ سياسي عراقي قبله بمثل هذا التأييد الجماهيري, ومن مراكز القوى في الداخل والخارج أيضا, اللهم إلا الزعيم «عبد الكريم قاسم» الذي كان اغلب الخارج يناصبه العداء.
إن مظاهرات يوم الجمعة 7/8 كانت انتفاضة شعبية بحق, أعادت للشعب العراقي أمجاده الثورية وكرامته الوطنية وانتفض فيها على ذهنية الفشل والدجل والتزييف التي وقع ضحية لها, بسبب المحاصصة والطائفية المقيتة.
لقد كانت ملحمة جماهيرية, وضع فيها أبناء شعبنا البواسل, النقاط على الحروف, مطالبين بتوفير الخدمات وخاصة الكهرباء, ومحاربة الفساد الذي يهدد بنسف ما تبقي من العراق شعبا ووطنا, وهذا ما أكدته المرجعية, التي كان ممثلها السيد احمد الصافي بمنتهى الصراحة, في تشخيصه لأبرز العلل الخطيرة في مجتمعنا, ودعوته لرئيس الوزراء إن يكون أكثر جرأة وشجاعة, والضرب بيد من حديد على الفاسدين والمفسدين, وان يوضع الشخص المناسب في مكانه المناسب, بصرف النظر عن حزبه وطائفته وقوميته, فضلا عن التأييد والدعم الخارجيين لكل خطوة إصلاحية مهما كانت صغيرة, فالعراق بحاجة ماسة إلى مثل هذا الإصلاح وإلا سيغرق الجمل بما حمل ولات ساعة مندم.
كنا في الفترة الماضية, نحاول إن نتعب الذهن لإيجاد مبررات وان كانت واهية, لتردد السيد العبادي, وعدم حسمه للكثير من الأمور, بل حتى الشعارات وعناوين الإصلاح التي رفعها في بداية عهده, سواء في محاربة الفساد والمفسدين والفضائيين, أو محاسبة المجرمين الذين سلموا ثلث مساحة العراق ل داعش, وحماتها, أو لتوفير الخدمات الضرورية ولو بالحد الأدنى, تلك الوعود التي تراجعت كثيرا عن زخمها الذي بدأت به.
وكنا نقول أيضا أن جبهة خصوم العبادي والإصلاحات التي ينادي بها, واسعة وقوية, وأكد ذلك رفض كبار المسؤولين تخفيض رواتبهم ومخصصاتهم الخرافية وحماياتهم قبل التظاهرات الجماهيرية رغم أن هذا الطلب لا يساوي قلامة ظفر في هدر المال العام والسرقات واللصوصية الفاضحة, التي أفرغت خزينة الدولة, وجعلتنا نتسول من البنك الدولي واليابان ودول أخرى, وأن العبادي يحتاج إلى سند جماهيري ورسمي, لكي يستطيع انجاز ما وعد به.
ألان الشعب العراقي كله مع العبادي, والمرجعية بثقلها الديني والمعنوي معه, والخارج الإقليمي والدولي معه, وهذه فرصة ذهبية, عليه اهتبالها, سيما وقد اتخذ خطوات ايجابية استجابة للضغط الجماهيري وفيها من الجرأة الشيء الكثير, لكن المطلوب هو وضعها موضع التطبيق, وعدم السماح بالالتفاف عليها كما جرى في مناسبات سابقة, فجبهة الخصوم والمتضررين من هذه الإصلاحات الأولية ومما سيعقبها كثيرون, وسوف ينحنوا للعاصفة أول الأمر, لكنهم سرعان ما سيجمعون قواهم, ويكتلون أنصارهم, ويشحذون سكاكينهم, لنحر هذا الوليد الجديد الذي يبشر بالخير
إن الجماهير الغفيرة التي نزلت إلى شوارع العاصمة وبقية المحافظات, والمدن العراقية هي التي صنعته و ينبغي لها أن تستمر في حراكها المجيد هذا دون توقف والمحافظة على طابعه المدني, دون أن تفسح المجال لكائن من كان في حرفه عن مساره الصحيح وتحويله إلى ساحة لتصفية الحسابات الشخصية والحزبية, وبالتالي العودة إلى المربع الأول كما يريده سياسيو الصدفة, وبدون هذين الشرطين سوف لا تصل هذه الهبة الجماهيرية الرائعة إلى مبتغاها الرئيسي بإصلاح العملية السياسية أصلاحا جذريا, والتخلي عن المحاصصة الطائفية الاثنية, أساس كل البلاء, إبعاد ومحاسبة كل من أجرم بحق الشعب العراقي وأوصله إلى هذه الهاوية السحيقة.
سر للإمام, بلا تردد واعتمد على هذا التأييد الشعبي الواسع والاستثنائي, ولديك صلاحيات واسعة جدا, فكن القائد الذي ينتظره شعبنا العراقي.