المنبرالحر

برقيات سريعة حول التظاهرات / جاسم الحلفي

1- استجابة سارة
جاءت استجابة السيد حيدر العبادي رئيس الوزراء لعدد من مطالب المتظاهرين العادلة والمشروعة، والتي أيدتها مرجعية آية الله السيد علي السيستاني، لتحسم الوجهة باتجاه الإصلاح. صحيح أن هناك قضايا كثيرة ما زالت عالقة ولم يتحدد موقف منها، لكن هذه الإجراءات تعد بادرة حسنة ومقبولة. فالقضايا التي تنتظر المعالجة عديدة، وتتطلب حزمة من الإجراءات، والإصلاح عملية متكاملة تطول النظام برمته، ولا يتحقق الاصلاح الشامل الا بإنهاء منظومة المحاصصة والفساد.
2- لا سلطة خارج مطلب الاصلاح والتغيير
أمام السلطة التنفيذية مهام عديدة يتوجب تأديتها، ومن بينها ترشيق الجهاز الإداري، والقضاء على الترهل فيه، كي يقوم بواجباته على أكمل وجه. فيما ينهض امام السلطة التشريعية ممثلة بمجلس النواب، عدد من المهام العاجلة وغير القابلة للتأجيل او الابطاء، منها حسم امر ملفات الفساد الكبرى، (مثل ملف سقوط الموصل، وسبايكر، وجهاز كشف المتفجرات، وصفقة الاسلحة الروسية) الى جانب اقرار الحسابات الختامية لعام 2014. كذلك عدم التلكؤ في تشريع القوانين التي تمس معيشة الناس وحياتهم وكرامتهم، والمتعلقة ببنية النظام السياسي، ومن بينها الضمان الاجتماعي، والعمل، السكن، الصحة، الاحزاب، تعديل قانون الانتخابات، اتاحة المعلومة، وغيرها. الى جانب ترشيق الجهاز الاداري لمجلس النواب. كما ان على السلطة القضائية تفعيل دور الادعاء العام، والاسراع في حسم الدعاوى المتعلقة بالحفاظ على المال العام.
3- فلول
اشك في بيانات التأييد التي صدرت من بعض رموز المحاصصة الطائفية السياسية، والمنتفعين منها، والذين حامت حولهم شبهات الفساد. اذ لا يخفى مدى ثرائهم الفاحش، وامتلاكهم المصارف والفضائيات والعقارات والارصدة المالية خارج وداخل العراق. هؤلاء الذين اغتنوا على حساب الفقر الذي خلفته إدارتهم المترعة بالفساد، لا اعتقد انهم سيقفون مكتوفي الايدي ويسلمون ما نهبوه من مال بسهولة ويسر دون مقاومة اوتخريب. بل سيبذلون ما بوسعهم للتمويه والتشويه والتحريف والالتفاف، والعناد واللعب على عامل الوقف للافلات باقل الخسائر. فهم يدركون ان عملية الاصلاح ان تمت كما هو مطلوب، ستضعهم امام حكم قضائي نأمل ان يكون عادلا، ويقر حق الشعب العراقي في استرجاع امواله المنهوبة منهم، الى جانب انهاء طموحاتهم السياسية وما يكتنفها من مشاريع فساد.
4-شعارات واهازيج
ابتدع المتظاهرون ردات شعبية سخرت من منظومة الفساد والفاسدين، والمحاصصة ورموزها، واستهجنت تصريحات العديد منهم. وردد المتظاهرون اهازيج خفيفة يسهل حفظها وبديعة باختيار الكلمات المعبرة بوضوح تام عن المطالب العادلة والمشروعة. وبينوا حقيقية رائعة هي ان المطالب بالحق يستطيع التعبير بطريقة اخاذة عن حقه وهدفة ومطلبه. كل هذا لا يخفي ظهور بعض الاهازيج التي تضمنت كلمات خدشت المشاعر، والتي لا تعكس الوجه الحضاري والمدني التي اتسمت بها التظاهرات، ومحتواها وشكلها الاجتماعي. وبطبيعة الحال الجميع يتفهم غضب الشباب وسخطهم على الاجحاف والظلم وغياب العدالة وضياع الافق والمعاناة الهائلة مما سببه لهم المتنفذون رموز الفساد والمحاصصة.
5-تنسيق المطالب والاهداف
الطابع الشعبي العام هو احد مميزات هذه التظاهرات، حيث اشترك فيها مواطنون من مختلف طبقات وشرائح واطياف المجتمع العراقي وألوانه. وحافظت التظاهرات بشكل عام على الطابع المدني، والمحتوى الاجتماعي، والاسلوب السلمي، وطريقة اللاعنف في التعبير عن الاهداف، والحاجة الى الاصلاح. وقد تركزت وجهة التظاهرات في هدفين اساسيين هما محاربة الفساد، وتأمين الخدمات. وبالتاكيد هناك اعتقاد عند المتظاهرين يقترب من اليقين، ان التغيير يجب ان يطول نظام المحاصصة والفساد.
ومن اجل تنظيم هذه المطالب والحفاظ على وجهة التظاهرات، جرى نقاش طويل عبر اجتماعات ولقاءات، وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، تمخض عنها ادراك اهمية المحافظة على زخم التظاهر، في اتجاه دعم الاصلاح، والوقوف بقوة امام من يريد ان يحرفه عن هدفه هذا، واصبحت اليوم الحاجة اكبر للتواصل والتباحث والتنسيق كي تظهر التظاهرات بزخم وقوة ونشاط وشكل ومضمون، يحسم الصراع في اتجاه التغيير وبناء الدولة المدنية الديمقراطية.