المنبرالحر

هل الحرب الطائفية الأهلية قادمة لا محال؟ / مصطفى محمد غريب

في عشرات المقالات الصحافية والثقافية وبيانات الأحزاب الوطنية والديمقراطية والمقابلات والتصريحات التلفزيونية والإذاعية كان التحذير من الحرب الطائفية الأهلية ومخاطرها ونتائج الانفلات الأمني والصراع على الكراسي  وحرب المحاصصة الطائفية بين القوى صاحبة القرار، وأول من تم تحذيره هو رئيس الوزراء نوري المالكي باعتباره المسؤول الأول والقائد العام للقوات المسلحة والمسؤولين في الكتل السياسية وأحزاب الإسلام السياسي المشاركة في الحكومة، لكن كل التحذيرات والمقترحات والمطالبات ذهبت أدراج الرياح وكان القول الفصل للتصعيد وخلق الأزمات والتفجيرات التي تضرب البلاد وتقتل العباد وتخرب الوهاد، والأجهزة الأمنية والقادة الأمنيين والبعض من المستشارين والناطقين الرسميين باسم القائد العام للقوات المسلحة يصرحون بقوة النظام والقضاء على الإرهاب بدون أن يسألوا أنفسهم عن أي إرهاب يتحدثون وهم يشاهدون تنوع المناطق جغرافياً وسكنياً والذين يقضون نحبهم هم أبناء شعبنا ومن جميع المكونات، هذا الاشتداد والتوسع اخذ أبعاداً جديدة منها تطور المصادمات والأعمال الإرهابية المزدوجة، والتفجيرات المتنوعة أخذت تتبلور وكأنها بين الشيعة والسنة وهذا ما يتكرر على ألسنة البعض من وسائل الإعلام والتصريحات من قبل البعض الذين يسعون للفتنة الطائفية،  إلا أن الحقيقة ليست كذلك لأن الذين يستخدمون طرق القتل وارتكاب الجرائم بحق المواطنين وعن طريق دور العبادة هم في خندق واحد وليس خندقين وهدفهم نقل الصراع الحزبي والطائفي بين التنظيمات المتطرفة إلى الشارع لعلهم يصلون للحرب الشاملة، الحرب الداخلية التي تحدثنا عنها منذ سنين وكشفنا عن المخططات التي وضعت لها والتي بدأت تقترب بشكل ملموس على الرغم من إيماننا بالوحدة الوطنية الذي لا يمكن أن يتزعزع لأننا نعرف شعبنا ومقدار بسالته وتضحياته وتداخل مكوناته، لكن المشكلة أن التدهور الأمني الذي شهدته البلاد منذ اشهر هو الحافز والأمل المرجو لدى القوى المتطرفة، والا كيف تشهد بغداد العاصمة التي كان من المفروض أن تنصب جهود الحكومة والأجهزة الأمنية على عمل المستحيل لتحقيق الأمن والاستقرار بدلاً من هذا القتل وهذه التفجيرات الفوضى وقادة الأجهزة الأمنية ووزارة الداخلية والدفاع وعلى رأسهم القائد العام للقوات المسلحة يهزون رأسهم أسفاً كمن يضيع في زحمة لا يعرف الطريق للخروج منها ولا نسمع سوى البيانات التي تعدد المناطق والمحافظات والضحايا وآثار الدمار والحرائق في الممتلكات فمثلا ما أفادت به مصادر وزارة الداخلية بأن حصيلة الانفجارات في بغداد ليوم الاثنين 20 / 5 / 2013  ( 187 ) بين قتيل وجريح نتيجة ل ( 8 ) تفجيرات عدا انفجارات البصرة وبابل ونينوى وكركوك وصلاح الدين وديالى وواسط ( والحبل على الجرار ) ونستطيع أن نقوم بتعداد الكثير من أعمال وجرائم العنف التي حصلت، ولكن كيفية معالجة ما هو قادم والذي لا يبشر بخير، ففي كل مرة نحسب ونقول تحصيل حاصل ونضع أيدينا على قلوبنا ونسال ماذا سيحصل بعد ذلك؟،  وإذا بالقادم أبشع وأشرس وأوسع، وعندما نوجه انتقاداتنا وملاحظاتنا وندين المسؤولين عن هذا التدهور الأمني تنبري التصريحات الدفاعية وتقدم الحجج وتتهم من يعارض بشتى التهم وفي مقدمتها الإرهاب وأعداء العملية السياسية أو الارتباط بقوى خارجية بدون أن تفكر ولا للحظة واحدة بان المصيبة تكمن في أداء الحكومة الأمني وفي القوى المتنفذة التي تجر البلاد إلى مزالق خطيرة باتت  ظاهرة في الأفق وهي الحرب الطائفية الأهلية،  والا كيف يمكن أن يدعي  الذين صرحوا سابقاً ولاحقاً القضاء على أكثرية القوى الإرهابية بينما تحت أبصارهم الميليشيات الطائفية المسلحة التي تعلن على لسان زعمائها بأنهم مسلحون ومستعدون وسوف يأخذون الثأر وأنهم متعطشون للدماء! كيف يمكن فهم ما يجري من استعدادات إرهابية لكلا الطرفين للانتقام من المواطنين الأبرياء الذي  لا حول لهم ولا قوة وهم بين نارَيْن تنطلق لهدف واحد ومن موقع واحد هو تدمير العراق وشق وحدة الشعب! هدف يراد تحقيقه منذ زمن وتسعى إليه القوى الإرهابية والميليشيات المسلحة ومافيا الجريمة إلى الوصول للحرب الشاملة بين مكونات الشعب حيث يبدأ العمل في اعتبار الآخر عدواً له ولتتخندق القوى والجماعات المختلفة قومياً وعرقياً واثنياً ودينياً وطائفياً ثم تنتقل للمرحلة التي  تقسيم البلاد على الطوائف والجماعات المسلحة وتكون الحرب  وعند ذاك ليقول لنا أي شخص لديه ذرة عقل ـــ من هو الرابح ومن هو الخاسر؟ الجواب الحقيقي سوف يكون تجار الرصاص والقتل والتفجيرات والاغتيالات والطائفيون هم الذين سيربحون والخاسر الوحيد  هم المواطنون كلهم على اختلاف مشاربهم الفكرية وتكويناتهم الدينية والقومية والعرقية.

الحرب الطائفية والأهلية هي " قاب قوسين أو أدنى " إذا ما استمر هذا النزاع والصراع بين القوى السياسية صاحبة القرار الذي أدى إلى التدهور الخطير في الأوضاع الأمنية والأزمة المستمرة منذ بداية عهد الحكومة الثانية برئاسة نوري المالكي، ولا تبدو في الأفق علامات ضوئية للتخفيف منها وصولاً إلى الحلول المنطقية التي تجنب البلاد الكارثة المقبلة وهذا أمر خطير  سوف يقرب مخاطر ليس الحرب الطائفية الأهلية فحسب بل التقسيم أيضا، وقد تكون حلول ترقيعية على غرار  ترتيب الأوضاع  مثلما ما جرى في لبنان من تقاسم ديني وطائفي والنتائج معروفة فلا لبنان استقر يوماً بشكل كامل ولا القوى السياسية استطاعت أن تحل الإشكالات القديمة والعودة إلى الدولة المدنية الديمقراطية والتخلص من نظام الطوائف وهذا أمر غير مستبعد عن العراق في مثل هذه الظروف البائسة، ظروف الانهيار والقتل والتدمير، الحل الوحيد للتخلص من المجهول المظلم الشعور بالمسؤولية من قبل القوى السياسية والتوجه لإيجاد طريق لإنهاء الأزمة التي تعصف بالبلاد وان تعي القوى المتنفذة بان الخيار الصحيح هو الحوار والتفاهم والتسامح والمواطنة لإعادة الطمأنينة والأمان لكل العراقيين وإلا وبكل صراحة وبقلوب دامية نقول الحرب الطائفية الأهلية قادمة لا محال منها وعلى غرار البيانات " قد ا اعذر من انذر "