المنبرالحر

فتاة عشقت "طريق الشعب / " عبد العزيز صاحب الحاج عبد

اود ان اطلع القارئ على مسار ذكرياتي التي لا تمحى بالغبار وانين الجراح، وبما كانت ترى بالامس عيوني لتشاركني وريقات قد كتبت في اعماق خيالي، ومواقف قد طرأت في ابواب انظاري بما فيها مقتطفات عن مرحلة الشباب اليافع. الذي فيه تعددت طرق الشعوب بانفتاحها على بعضها البعض، والاسلوب الشائع بين شباب المجتمع المستهلك (غير المنتج) امتيازه بطابع التقليد السطحي. وللاسف تأخذ سلبيات الشعوب المقلدة وتترك ايجابياتها. كنا طلاب في نهاية المرحلة الاعدادية مرحلة المراهقة الناضجة، التي تثمر عن سلوك حب التمرد والمغامرة على اكلاسيكية الحياة اليومية لاهلنا البسطاء الاميين الذين يعيشون تقلبات الحياة كأمر محتوم دون ضجيج او شكوى ومتعة الارتقاء بتقليد الغرب من موضة العصر، التي كانت آنذاك مرحلة انتشار ظاهرة (الهيبز) نرتدي (الكابوي) الكالح ونحمل حقيبة المدرسة، حقيبة ليس لها صلة بالتعليم وانما هي خاصة (للبناء) لحمل ادواته من (الفأس والشاقول) او حقيبة التجنيد العسكري، انها مراهقة الشعور الثائر، التذمر والعصيان وتحقيق رغبات العشق الجنونية، نلجأ الى التجمعات المدرسية وقت خروج طالبات المدارس، لنحظى بفرصة الاعجاب المتبادل وبين كل هذه الاجواء كان يلفتني النظر الى طالبة في تلك المدرسة تأتي كل يوم الى بائع الكتب والصحف وسط التجمع الطلابي، لتقتني صحيفة كانت من الممنوعات السياسية والمحظورة على الشعب، إلا انها بشجاعتها وشدة ايمانها بمبادئها السامية، التي لا تأبى للطريق الذي ليس له نقطة نهاية. فكانت كل يوم تخترق المصاعب لتشتري صحيفة (طريق الشعب) سجل عنه انه شيوعي انه اختار طريق الاعتقال الى (الامن العامة) فكانت كل ما التقت عيناه بتلك الفتاة تنتابه الدهشة بتلك الشجاعة ومستائين من جبننا لاننا نخشى حتى التقرب من صحيفة طريق الشعب، كنت قد غضضت النظر عن كل الطالبات إلا تلك الفتاة الشجاعة التي كنت انتظرها كل يوم، لكي انظر الى خطواتها، وهي تذهب الى الصحيفة وتمعن النظر فيها وتتمسك بكلماتها، فاصبحت لدي الرغبة الملحة لمعرفة هذه الارادة الصلبة عند هذه الفتاة، وقادني الفضول بعد ان امتلكت الجرأة بان احييها على شجاعتها تلك، وسألتها لماذا تلجئين الى المصير المجهول؟ فاجابت بكل ثقة وايمان: ( ان الدماء الحمراء تعطي الحياة وان رفع الرايات الحمراء امام الطغاة تصنع الحريات، وان ضريبة المواقف الشجاعة بوجه الطغاة هو السير الى طريق الموت). وبعد ان فرغت من حديثها نظرت إلي نظرة شاملة من جبيني الى حقيبتي التي كنت احملها وبنظراتها لي قد تصبب جبيني عرقاً وخجلاً فقالت لي ان سؤالك يدل على ما تحمله (إلا وهي الحقيبة) التي ينقصها شعار (المنجل والمطرقة) يبدو انك من الطبقة الكادحة، التي تحلم بوطن حر وشعب سعيد..
تحية الى تلك الفتاة التي زرعت في نفسي نكران الذات ورحمة الله على كل الشهداء الذين حملوا الرايات الحمراء بوجه الطغاة..