المنبرالحر

«توثية» التظاهر! / قيس قاسم العجرش

أي سلطة لن يصعب عليها استئجار عدد من الناس لتفريق تظاهرة أو سرقتها أو حرفها أو ترويع من فيها.
فعلها حسني مبارك حين استأجرت شرطته حُداة الأباعر من الذين يخدمون السائحين الأجانب وزودتهم بأنابيب مطاطية ورماح لتفريق متظاهري ساحة التحرير في القاهرة.
القذافي جلب مقاتلين من قبائل افريقية كاملة جنّدهم وسلّحهم وأطلقهم ينهشون مواطنيه الذين تجرأوا وهتفوا ضد سلطته.
عبدالله صالح جنّد أولاده لجمع الشقاوات وبشار الاسد اخترع الشبيحة .
في العراق، رأينا في تظاهرات شباط 2011 باصات سمحت لها القوات الامنية ان تصل الى ساحة النصر ونزلت منها وجوه متعطشة للعنف لكنه كان عطشاً مُستأجراً. بينما منعت نفس القوات عامة الناس من الوصول الى نقاط قريبة من التحرير إلا سيراً على الأقدام. ودخل ركّاب الباصات حينها الى ساحة التحرير وافتعلوا مشاجرات وظهر انهم مزوّدون بـ»التواثي والدرنفيسات»، وأحصينا ليلتها عشرات الاصابات بين المتظاهرين الذين كان مطلبهم اقالة الرؤوس الثلاثة التي تولّت ادارة مدينتهم: المحافظ وأمين العاصمة ورئيس مجلسها.
يومها نظرت السلطة الى ان التظاهرات انما تستهدفها في وجودها، ولأنها كانت تنظر فقط من ارتفاع عمارة المطعم التركي، لم تتواصل السلطة حينها مع اي مطلب وعدّت الاستجابة مظهراً من مظاهر الضعف الذي لا يجدر بالحاكم أن يبديه تجاه الرعية. الحاكم يجب أن يكون عكراً قاطب الوجه متجهم السحنة لا يقطع وجهه حتى الموس!
اليوم انقلبت المياه وأخذت تجري نزولاً، وصارت التظاهرات تؤيد الحاكم (رئيس الوزراء هنا) كي يفعّل القانون ويضرب به كل المفسدين طالما ان الشعب يسانده مثلما لم يفعل سابقاً.
لكن الشبيحة أو البلطجية لم يختفوا وظهروا مجدداً .
قبيلة همجية بدائية تمتهن العمل لدى الحكام من الذين وصفناهم أعلاه، هاجموا متظاهري التحرير السلميين تحت شتى المسميات.
لكنهم هذه المرّة يستهدفون رئيس الحكومة واصلاحاته، كيف؟...باستهدافهم المتظاهرين الداعمين له في هذه الاصلاحات.
المسألة ليست لغزاً أو شفرة حسابية معقدة.
هناك اصلاحات ستطول المفسدين، وهذه تجري بتأثير من الضغط الشعبي الذي يمثله المتظاهرون. اما المفسدون فلن يقفوا للفرجة ...سيدافعون عما سرقوه وسيخربون خطط رئيس الوزراء وخطواته.
هم يدافعون عما سرقوه.. بينما يدافع المتظاهرون عن حلمهم الذي بدأ يتحقق عبر الاصلاحات التي لا تجامل.
نحن هنا لا نسأل عن المنتصر في النهاية، بل مؤمنون تماماً أن أصحاب الارض، اصحاب الحلم وبناة الحقيقة هم من سينتصر في النهاية....استمِروا وستهزمونهم مثل قشّ تذرّيه الرياح.