المنبرالحر

اصلاح مع وقف التنفيذ؟ / قاسم السنجري

لم نتذوق بعد طعم منجزات الحزمة الإصلاحية الاولى التي قدمها مجلس الوزراء، حتى بدأ الحديث عن حزمة ثانية يرافقه العزف على ضرورة عدم الاستعجال بتطبيق الإصلاحات. ويمتد الحديث عن سقوف زمنية طويلة الأمد، وهذا كله لا يثير الريبة فقط، بل يدفع إلى الشك أن هناك نوايا التفاف في كواليس القوى السياسية النافذة.
إن التعجيل في تقديم حزم اصلاحية دون تنفيذها على أرض الواقع، يعداً قفزاً على مطالب المتظاهرين، والتمثيل عليهم من خلال أوراق اصلاحية لا نملك أي مقاييس لمعرفة ما تم تنفيذه منها وما هي الإجراءات التي ستتخذها الحكومة لتطبيق هذه الإجراءات. إذ أنه بالرغم من اقرارها من قبل مجلس النواب وبضمنها إلغاء مناصب نواب رئيسي الجمهورية والوزراء، إلا أن هذا القرار لم يتم تفعيله، وما زال «المعفيون» من هذه المناصب يدلون تصريحاتهم بصفاتهم الوظيفية، وتفتح لهم الصالات الرئاسية في المطارات، ويسكنون القصور في المنطقة الخضراء.
إن الركون إلى المماطلة والتسويف في تنفيذ الإصلاحات؛ أمر غير محمود، إذ أن المتظاهرين والناشطين المطالبين بالإصلاح لم يستنفدوا كل آلياتهم في الاحتجاج والمطالبة، ومازال الوقت مبكراً للحديث عن تراخي الاحتجاجات الشعبية وتراجعها في ظل الوعود أو تخويف المتظاهرين بأساليب عنف من خلال دفع مندسين في التظاهرات لتخريبها.
لذا يجب على القوى السياسية النافذة أن لا تكون حجر عثرة في وجه مطالب الشعب العادلة إن كانوا راغبين في الاستمرار بالبقاء في المشهد السياسي، كما أن الإدعاء بقبول الإصلاحات علناً ورفضها في الكواليس سيعود بالضرر الكبير على هذه القوى.
مع انتقادنا للعديد من جوانب النظام السياسي الحالي، إلاّ أننا لم نفقد الأمل بإصلاح هذا النظام، ولكن هناك من يرغب بإدامة هذا النظام دون إجراء أي اصلاحات، خوفاً من أن يفقد مكتسبات وامتيازات وفرت له مليارات الدولارات على امتداد عمر العملية السياسية. غير أن هذا التفكير المصلحي الضيق قد يدفع إلى اتباع اساليب اخرى للاحتجاج وهذا ما لا يحبذه ولا يرغب فيه المحتجون أنفسهم.