المنبرالحر

الفساد والمحاصصة .. أس البلاء / لفتة عبد النبي الخزرجي

من يدقق في خطابات المسؤولين وتصريحاتهم وحواراتهم ، على مختلف المستويات ، السياسية والحزبية والإدارية ، يدرك أن هناك حضورا بيناً لظاهرة الفساد و المحاصصة في تلك الخطب والأحاديث والحوارات والتصريحات ، وان الجميع متفقون على أن الفساد صنو الإرهاب وأنهما وجهان لعملة واحدة ، وان المحاصصة هي أس البلاء والتخلف وقصور الأداء والفساد أيضا .
إذن أين يكمن الخلل ؟ هل في الازدواجية التي يعيشها المسؤولون والمتنفذون في النظام السياسي ؟ أم في النظام السياسي الذي بني على أساس التحاصص وتوزيع المغانم ؟ أم السياسيون الجدد ليسوا أهلا للمسؤولية ولا يمتلكون القدر الكافي من الحرص على المال العام؟
إنني كمراقب ، اشعر بأن البلاد سائرة نحو انهيار سياسي كبير ما لم يتدارك المسؤولون وأصحاب القرار هذا الواقع المأزوم والعمل سريعا على رسم خارطة طريق واضحة ، لمحاربة الفساد الذي ينخر في مفاصل الدولة ، وفي رأيي المتواضع أن هذا لن يحصل ما لم يتم التخلي عن نظام المحاصصة الطائفية والاثنية الذي جعل العراق يغلي على نار هادئة .
سمعنا مرارا من رئيس الوزراء أن الفساد توأم الإرهاب ، إلا أننا لم نشهد انجازا واضحا في مجال تقليص حجم الفساد وإضعاف دور العناصر المتورطة في ملفات فساد ، لم نشهد تحركا صريحا لوأد هذه الظاهرة الخطرة التي باتت تشل حركة الدوائر الحكومية وتعرقل جميع مفاصلها وتنذر بتراجع كبير في الأداء الحكومي .
إنني أرى خلال الرماد وميض نار ، يوشك أن يكون له ضرام . وبناء على هذا الرأي ، فإنني أضع هذه النقاط التي اعتقد أنها تشكل مخرجا لما يعانيه البلد من خلال استفحال ظاهرة الفساد المالي والإداري ونظام المحاصصة وما نتج وينتج عنه من أزمات واختناقات ومزالق خطرة لن تحمد عقباها :
1- على مجلس النواب أن يعمل على تشريع القوانين التي لها مسا س بحياة المواطن ومستقبله والذي هو بالأساس مستقبل العراق أيضا ، مثل قانون النفط والغاز ، قانون الأحزاب ، قانون المجلس الاتحادي وقانون الانتخابات البرلمانية وقانون المحكمة الاتحادية ، وقانون الخدمة الإلزامية وغيرها من القوانين .
2 - لابد من التفكير مليا في التخلي عن نظام التحاصص الطائفي ، وان تكون معايير الوظيفة والمسؤولية هي الكفاءة والهوية الوطنية بعيدا عن الهويات الفرعية .
3 - احترام نصوص الدستور وعدم التهاون مع الجهات التي تحاول أن تعيد هيمنتها على البلاد من خلال التلويح بالمظاهر المسلحة والتي تستبيح الحريات العامة للمواطنين وتكمم الأفواه وتحارب المجتمع المدني لأنه ينشد التعايش السلمي وبناء الحياة الجديدة .
4 - العمل على إجراء مصالحة وطنية حقيقية تعزز دور الإنسان في البناء والاعمار وحماية الوطن ، وتحقق وحدة العراقيين جميعا وتنظم مسيرتهم لبناء وطنهم بعيدا عن التوجهات الطائفية والعشائرية والمناطقية والحزبية الضيقة .
5 - ضرورة العمل على بناء المؤسسات الحكومية وفقا لمعايير قانونية ووطنية وعلمية ، والابتعاد عن جعل الوزارات والمؤسسات الرسمية مضايف للمنتفعين والفاسدين والفاشلين وهدر المال العام في مشاريع وهمية وفاشلة ، من خلال رقابة صارمة ومتابعة ومحاسبة .
6 - إن تخفيض مخصصات الرئاسات الثلاث إجراء سليم وبناء ، إلا انه يبقى غير ذي جدوى إذا لم يطبق بالشكل الدقيق ، كما انه يعتبر ناقصا إذا لم تلحقه جملة من القرارات التي تصب في خانة توفير مبالغ إضافية للموازنة تلافيا للعجز الموجود أساسا في الموازنة .
7 - لا بد من الإسراع في تشريع قانون الرواتب الجديد والعمل على ردم الهوة الواسعة بين رواتب الموظفين في الوزارات وان يخضع الجميع لمرجعية قانونية موحدة في احتساب الرواتب والمخصصات وغيرها من الأمور التي تمس شريحة الموظفين في دوائر الدولة المختلفة .
8 - لا بد من ضبط حركة السلاح في المدن وضرورة سيطرة الدولة على الميليشيات المنفلتة التي تحمل السلاح تحت عناوين ومسميات مختلفة ، كما لا بد من اتخاذ جملة إجراءات في إطار طمأنة الشارع العراقي ولنشر الامان والاستقرار وتوفير الحريات العامة بعيدا عن جعجعة السلاح .
9- لا بد من إشاعة النظام والقانون وإبعاد الساحة الأمنية عن ملفات السياسة ، لغرض إتاحة الفرصة أمام رجال الأمن لتحقيق الإمساك المهني والشفاف بالملف الأمني وعدم فسح المجال لسياسيي الصدفة والمنتفعين وأصحاب النوايا السيئة باللعب على حبال الطائفية وتمزيق وحدة النسيج الاجتماعي لشعبنا .
10 - كما ندعو الى ضرورة ايلاء موضوع التربية والتعليم اهتماما خاصا ومميزا ، ولا بد من إعادة تأهيل الكوادر التعليمية من خلال دورات تربوية تنشط المعلومات التربوية وتعيد للأذهان أن التعليم والمعرفة والتربية والعلوم والتكنولوجيا طريقنا لزرع الثقة في نفوس طلبتنا وأبنائنا من جيل الشباب ، كما لابد من أن تبدأ هذه العملية من دور الحضانة صعودا إلى الجامعات .
11 - من المهم جدا إعادة تأهيل جميع المصانع والمعامل في القطاع العام وتحريك عجلة الصناعة لتوفير المردودات المالية التي نحن بأمس الحاجة اليها ، وفي الوقت نفسه توفير حياة معيشية آمنة وكريمة للعوائل التي تعاني الآن الحرمان والمظلومية بسبب تهميش دور القطاع العام والتعمد في إهماله وتجويع العاملين فيه .
12 - الاهتمام الجدي بالقطاع الزراعي ، وتزويد الفلاحين والمزارعين بالأدوات والمعدات الزراعية والأسمدة وحماية الإنتاج الزراعي المحلي وعدم إغراق السوق بالمحاصيل الزراعية من خارج البلاد ، والعمل على توفير الحصص المائية للأراضي الزراعية .
13 - السعي المثابر لتوفير فرص عمل لشريحة الشباب وامتصاص طاقاتهم في العمل والإنتاج ، وإبعاد الشباب عن تأثير الحركات الدينية المتطرفة ، ويمكن الاستعانة بالقطاعين الزراعي والصناعي وفتح منافذ جديدة للعمل والاستثمار في القطاعيين ، دون المساس بمصانع القطاع العام القائمة والتي تشكو إهمال المسؤولين . كما لابد من التذكير بان القطاع الزراعي يمكنه أن يسد الحاجات المحلية في كثير من مفاصلها ، وهو قطاع واعد اذا ما توفرت له الإمكانات الفنية والمادية والبشرية .
14- اعتماد خطاب ديني معتدل في مختلف المراكز الدينية ودور العبادة المتنوعة ، ودعوة لتوحيد هذا الخطاب في إطار وحدة النسيج الاجتماعي وعدم إتاحة الفرصة أمام الأصوات النشاز والمحمومة التي تسعى الى شق الصف الوطني ، وعدم التفريط بهذا التعايش الممتد عميقا في ترابنا وتأريخنا وتراثنا