المنبرالحر

نفط الرميلة ونفط النرويج / علي فهد ياسين

خلال الحفل الذي اقامته شركة نفط الجنوب لمناسبة مرور خمسة أعوام على تأسيس هيئة تشغيل حقل الرميلة النفطي، أعلن وكيل الوزارة لشؤون الاستخراج أن أنتاج الحقل (1,350)مليوناً وثلاثمائة وخمسون برميل يومياً، يمثل(40%)من أنتاج العراق، وأن الوزارة تسعى الى الارتقاء به الى(2،1) مليونين ومائة الف برميل يومياً.
في احصاءات خاصة بإنتاج النفط عام 2013، يتقدم حقل الرميلة على العشرات من دول العالم بإنتاجه، واذا استطاعت الوزارة رفع الانتاج الى الرقم الجديد(2،1)مليون برميل (وهو برنامج تعتمده بالتعاون مع الشركات العالمية)،فأن الحقل سيتجاوز انتاج دول نفطية كبيرة كان انتاجها حسب الاحصاءات اعلاه دون المليوني برميل مثل (النرويج 1،998مليون، الجزائر1،885مليون، قطر1،631مليون، سلطنة عمان 0،890مليون)، وهي لم ترفع الانتاج خلال السنتين الماضيتين أما لأنها ضمن منظمة (اوبك) مثل الجزائر وقطر، أو لأنها تعتمد برامج خاضعة لظروف سوق النفط التي تعرضت لاهتزازات كبيرة في مستويات الانتاج والاسعار، مثل عمان والنرويج .
الثروات المتوفرة من انتاج النفط في مملكة النرويج تستخدم وفق برامج علمية لبناء البلاد ، لذلك تُصنف كواحدة من أفضل الدول في توفير الخدمات لمواطنيها، بالاعتماد على ثروتها النفطية والمستوى العالي من الكفاءة والشفافية في أداء منظومة السلطة (القضاء والبرلمان والحكومة) المنتخبة من الشعب والخاضعة لمراقبته، مقابل ثروات العراق التي ذهبت هباءاً منذ نصف قرن من السنين، والتي تجاوزت الترليون دولار منذ 3003 فقط، نتيجة الحروب العبثية والصراعات السياسية التي تبنتها احزاب السلطة وقادتها بعد سقوط الدكتاتورية.
مقارنة بسيطة، بين العراق الطارد لمواطنيه الباحثين عن الأمان والعيش الكريم، ومملكة النرويج الموفرة لمواطنيها افضل ظروف العيش، والمستقبلة اللاجئين اليها طلباً للأمان، توضح نتائج الأداء السياسي الذي تعتمده ادارات البلدين لخدمة مواطنيها، وترسم صورة ادانة لا تقبل الاعذار (وهي حاصلة وتحصل يومياً)،عندما يكون طالب اللجوء عراقياً بعد سقوط النظام السابق، بدلاً من عودة العراقيين من الشتات للمساهمة في اعادة بناء وطنهم.
حقل نفطي عراقي واحد مثل الرميلة يتجاوز في ايراداته ميزانيات بلدان يعيش شعوبها بأفضل احوال، في ما ثروات هائلة من حقول عديدة في العراق تنهب وتبدد وتستخدم لإدامة القتل والتهجير والتقسيم وشراء الذمم وجميع انواع الفساد واشكاله، وصولاً الى احتلال عصابات الاجرام ثلث مساحة البلاد منذ اكثر من عام.
لقد صبر العراقيون كثيراً على الحكام لتصحيح مسارات سياساتهم المدمرة للبلاد، ولم يلق صبرهم ولا تضحياتهم ردوداً ولا تفاعلاً من أحزاب السلطة الغارقة بحساباتها الضيقة ومكاسبها الذاتية منذ سنوات، حتى طفح الكيل وانطلقت جماهير الشعب الى ساحات الاحتجاج السلمي لفرض التغيير والقصاص من الفاسدين بالقانون، فكان لها ما ارادت وهي بانتظار المزيد حتى يستقيم الحال ويصبح لإيرادات حقل الرميلة (على سبيل المثال) نتائج على الارض تخدم المواطن وتدعوه الف مرة للتفكير قبل مغادرة وطنه مكرهاً في مغامرة غير مضمونه للوصول الى بلد يوفر له الأمان والعيش الكريم كالنرويج !.