المنبرالحر

العبادي على خطى غورباشوف / د. مؤيد عبد الستار

بعد اطلاق رئيس الوزراء السيد حيدر العبادي اصلاحاته المتضمنة الغاء اهم المناصب الزائدة عن حاجة الحكومة ، ومحاولة ترشيق الوزارات وغيرها مما ورد في حزمة الاصلاحات التي وافق عليها مجلس النواب مرغما تحت ضغط المتظاهرين ، بدأ الشك يساورنا بسبب طبيعة التغييرات التي توقفت عند حافة الديكور الحكومي ولم تلمس القضايا الجوهرية المطلوب اصلاحها او تغييرها .
ان محاولات الالتفاف على الاصلاحات المطلوبة والتي تتلخص في اعادة هيكلة اجهزة الحكومة بما يضمن الكفاءة والنزاهة في جميع مفاصلها ، بـدء ًمن الوزراء الذين تحوم حولهم شبهات الفساد والتقصير وعدم الكفاءة حتى تصل الى المحافظين والمدراء العامين الذين تسلقوا المناصب بشهاداتهم المزورة ونسبة قرابتهم الى هذا السيد او ذاك المعمم او هذه الكتلة او تلك المحبوبة ... فهؤلاء جميعا يجب ان يطردوا ويحاكموا على ما اقترفوه من جرائم تزوير وتقصير وسرقة ونهب وتسلق للمناصب دون وجه حق ، فلا كفاءة ولا مهنية ، بل احتيال وفساد ولصوصية .
ومن اجل اطلاق حزمة حقيقية من الاصلاحات تحد من نهب المال العام والسرقات المشرعنة بشتى القوانين الوهمية التي جعلت القضاء في موقع لا يحسد عليه ، فالسنوات العجاف التي مضت كان القضاء فيها مثالا للمداهنة والتلاعب بالقوانين والقرارات التي ما انزل الله بها من سلطان ، مع غياب كامل لدور الادعاء العام ، وترك الامور تسير على الغارب وعلى هوى هيئات لا تعرف الحق من الباطل تُـتهم بعدم قدرتها على كشف الفساد والسراق ، بل وتعاونها معهم على السرقة والغش والنهب والفساد.
ان الاصلاحات بحاجة الى تخطيط تشارك فيه شخصيات نزيهة كـفـوءة ، وعلى الاخص من خارج الحكومة ، شخصيات حريصة على مسيرة الحكم في طريق النزاهة والكفاءة والعدل ، ولا بأس من الاستعانة بشركات اختصاص دولية مرموقة لتضع الخطوط العريضة للرقابة المالية والقانونية ايضا.
ان رئيس الوزراء العبادي لا يستطيع الخروج من جلده ، فهو ابن المؤسسة السياسية الدينية الملتزمة بتسلسل القيادة ، فالمسؤول الاول هو الذي يقرر والبقية تتبع ، ولذلك نرى قرارات العبادي توقفت عند حافة حرجة ، لايستطيع تجاوزها ، فالتراتبية الحزبية تفرض عليه اتباع راي الاغلبية في حزبه اوقيادة حزبه ، وهي في جميع الاحوال لن تكون مغايرة للنهج الذي سار عليه حزب الدعوة طيلة السنوات الماضية التي تسلم فيها المسؤولية ، واتهم بالفساد والسرقة ونهب المال العام وترويج الشهادات المزورة الصادرة من سوق مريدي ومن زوايا وتكايا المدن المقدسة وغير المقدسة .
نخشى ان تكون عاقبة العبادي مشابهة لعاقبة الاصلاح الذي اشتهر فيه غورباتشوف – البريسترويكا – والتي قادت الى تسلم اسوأ سياسي في تاريخ روسيا لمقاليد الامور ، بوريس يلتسن الذي سمم الحياة السياسية الروسية وترك البلاد نهبا للنصابين والمحتالين والمتاجرين بميراث الاتحاد السوفيتي الذي باعوه في سوق الخردة والمزاد .
نامل ان تستعجل الجماهير تسمية ممثيلها في التظاهرات لكي تتسلم راية التغيير باسرع وقت وتفوت الفرصة على النصابين والمتربصين بشعبنا ووطننا وتقطع عليهم طريق الاستيلاء على البلاد وبيعها في سوق المزاد الدولي دون مقابل .