المنبرالحر

حذار من مكر الفاسدين! / محمد عبد الرحمن

سبّب الفساد، وما زال ، ضررا بالغا لشعبنا ووطننا، وأعاق عملية البناء والإعمار، وهدر المال العام، وأضاع فرصا ثمينة للتقدم والرخاء، وأضعف إمكانيات وقدرات البلد الأمنية والاقتصادية، ما سهل مهمة الاٍرهاب وأقذر منظماته داعش في بسط السيطرة على عدد مِن محافظات الوطن ومدنه.
على ان الفساد ليس شكلا واحدا بل له تجلياته المتنوعة. وليس من الصحيح ان يحصر فقط بسرقة المال العام ، فهو أكثر من هذا. فتعيين شخص غير كفوء مثلا هو فساد وإضاعة للوقت والمال. والفساد ليس الرشى فقط ، بل الصفقات والعقود والكومشنات والمضاربات وغسيل الأموال وتهريبها، وعادة يقف وراء ذلك ذوو سطوة.
ومنذ زمن وسنوات مضت والمواطنون يشيرون بأصابع الاتهام الى اسماء باتت معروفة، ويعرضون معطيات عن انغماسها في الفساد. واستغل البعض موقعه في الدولة لنهب المستطاع في اقصر الأوقات. ولكن كل هذا و الجهات المعنية لم تحرك ساكنا، او انها تباطأت كثيرا وأضاعت الجهد وبعثرته في قضايا "خردة"، تاركة الحيتان تصول وتجول مستفيدة من الأجواء السياسية والأمنية المتقلبة، ومن نظام المحاصصة المقيت للتغطية على موبقاتها وسرقاتها وجرائمها. فيما وفرت بعض الكتل السياسية ، او المليشيات الخارجة عن القانون، الحماية للسراق وناهبي المال العام .
ولعل ما أخّر حسم العديد من قضايا الفساد وخاصة الكبيرة منها هو تحول ملفاته الى صفقات مساومة ووسيلة للتسقيط السياسي وشراء الذمم وللضغط والابتزاز والتهديد، بما يخدم المصالح الضيقة والأنانية لبعض المتنفذين. ومن الغريب والمستهجن ان البعض ظل يهدد بها بعد كل الذي حصل من توغل الفساد وابتلاعه الدولة ومؤسساتها ومواردها المالية الضخمة .
ان محاربة الفساد، وهي المطلب البارز للحراك الجماهيري والتظاهرات الحاشدة ، والتصدي للفاسدين وحماية المال العام واسترداد ما سرق او هرب خارج الوطن، تحتاج الى مواقف حازمة وارادة صلبة، والاستناد الى الرفض الشعبي الواسع للمفسدين، الذين يتوجب ابعادهم حالا عن مراكز المسوؤلية.
كذلك يتطلب التصدي لهذه الافة المستشرية مستقلا محايدا عادلا وفاعلا، مبرّءأً من الفساد والولاءات. فمطلب المتظاهرين في إصلاح القضاء مشروع تماما، وقد حان الوقت لابعاد من تدور حوله الشبهات وقد اساء للقضاء.
وبالقطع سيلجأ الفاسدون الى خلط الأوراق وتشويه الشعارات والتحريض على القوى المنتفضة، وسيطلقون دخانا كثيفا بهدف التضليل والخداع ما يتطلب المزيد من الحذر .