المنبرالحر

مصلحة ..وهي الأهم / قيس قاسم العجرش

لا أميل ابداً الى شيطنة السياسي المسؤول، وتصوير الحياة السياسية على إنها فاسدة و (خربانة) ويلتف حولها ثعبانٌ من فسادٍ أيضاً.
لأن الجريمة (والفساد جريمة)هي فعل مألوف في كلّ مجتمعاتِ العالم. الفرقُ أن هناك مجتمعاتٌ نجحتْ في تطويقِ هذا النّوع من الجريمة والحد منها، وأخرى فشلت أو مازالت تتعثر.
حين أتيح لبعض الضباط الكبار والسياسيين الأميركيين أن يُثروا على حساب (او خلال) عملهم في العراق، لم يترددوا. وكسرَ البعضُ منهم حاجز القانون أو ما يُعرّفه القانون على أنه خرقٌ وجريمة.
يعني بكلمات أخرى، إن مسؤولنا الفاسد الذي نتظاهر بالضدَ منهُ، إنما لم يجد الرادعَ الكافي فغوى في الكورربشـِن!...حاله حال أي مُهرّب سيستمر بالتهريب طالما سمع شخير حرّاس الحدود.
العلّة في الفارق بين الناجحين في تطويق الجريمة وأولئك الذين فشلوا، هي في إيجاد (مصلحة)! لأكبر عدد ممكن من الأفراد كي يقفوا ضدّ الجريمة ولا يغضّوا النظر عنها.
في الحالة العراقية، كان الفاسد أسبقُ من التفكير الجمعي للناس بمراحل. عرف هذا الفاسد كيف يقنع أكبر عدد من الناس بأنّ وجوده ضرورة، وأن تسنّمه للمنصب باسم الطائفة إنما يعبر حقيقة عن طموح الطائفة! وحتى يكمل الخُدعة، ذهب الى تقسيم الغنيمة (التي هي السلطة هنا) وفقاً لتعداد زملائه الطائفيين من سياسيي الطائفة المقابلة له أيضاً. هذه اللعبة الشهيرة التي يسمونها - التخادم!
اليوم يضطلع رئيس الوزراء بمنهاج إصلاحي من المبكّر الحُكم على نتائجه النهائية، والعلّة للناس أن يجعلوا من مصلحةِ المُصلح أن يتصدى للفاسدين. من مصلحةِ المنصب وراكبه أن يتصدى للمخربين وسارقي المال العام، بدلاً من أن يشاطرهم ويتقاسم معهم.
موضوع التفكير الآن هو كيف ترسل الجماهير رسالة واضحة للحاكم، أو بالأصح رسالة توضع على طاولة الحاكم وتدقّ بمسامير فيقرأها كل رئيس قادم للوزراء. رسالة مفادُها : إن بقائك مرهون فقط بكمّ الإصلاح الملموس والرفاه والعدالة التي تقدمها لشعبك.. بعكسه لا تحاول أن تحَصّن بقاءكَ بتجّارٍ فاسدين أو شلّة مُنافحين يملأوون الفضائيات صُراخاً للدفاع عنك صباحاً ومساءً.
البلاغة في ايصال المطلوب هنا هي الضمان الوحيد للمستقبل. والبذلُ الشعبي في المواجهة السلمية والتظاهر الرشيد المكثف والذي يعرف ماذا يريد، هو بداية الإفلات من مستنقع أفاعي الفساد.