المنبرالحر

الزبيب ..وطنياً / قيس قاسم العجرش

للأمّهات كرامات، صحيح انها لم تثبت علمياً لكنك ستشعر بالانشراح لحظة تلبية طلبٍ منهن مهما بدا هذا الطلب غير عقلاني.
كانت والدتي تروي عن جدتي عن أمها أن الزبيب يقوّي الذاكرة!
وهي اضافت سبباً آخر لتنصح به أيام الامتحانات بأنه منبّه أفضل من الشاي والقهوة، وفي السياق كانت دائماً تتحدث عن فائدة السكريات الأحادية أو الثلاثية للمخ، لا أتذكر اياً منهما المفيد تحديداً، وهي كذلك لمتكن تتذكر لكنها تنصح بنوع السكريات الموجودة في الزبيب تحديدأً!.
مواطنو بلدي يعانون من عطب الذاكرة الجمعية، ومعاناتهم دخلت منذ فترة مرحلة حرجة ومزمنة. رغم ان أمهات وطني، مثل أمي، كنّ يتحدثن وينصحن أكيداً بالزبيب كنوع من المنبّه (الوطني!) أو انه مُعترف له بالنجاعة.
هل تتذكرون نسبة20% التي اضافتها الحكومة على بطاقات الهاتف النقال؟ هل تتذكرون الابطال من سياسيي الصُدفة الذين رفضوا تنفيذ الحكومة للقرار؟ هل تتذكرون أنهم لم يستحوا حين واجهتهم الصحافة بأن ذلك كان فقرة في قانون الموازنة ؟ فلماذا مررتموه في الموازنة بينما تعترضون عليه لحظة التنفيذ؟
هل تتذكرون أن شركات الهاتف النقال إنما هي مدينة بالأصل الى الخزينة المركزية عن تسديد نسبة 18% من ارباحها؟ وهل تتذكرون ان جهات عدّة مررت عملية تقسيط هذه الديون؟...ماذا لو أن الخزينة المركزية (أو الحكومة) تطلب مواطناً مبلغاً من المال؟....هل ستتردد في بيع منزله أو أملاكه أو سيارته الشخصية في المزاد العلني؟ ..القانون لا يعترف بالتقسيط والميسرة في هذا الجانب. إنما يجبي الديون الحكومية فرض عين على المَدين، سواء رغب أم أعرض.
لا جواب لهذه الأسئلة سوى أنهم مازالوا يراهنون على ضعف ذاكرة الناس، وان موضوع الساعة مخصص لـ ( ساعة) فعلية وبعدها ستنساه الناس مثل أي حديث عن مباراة لكرة قدم مثلاً.
شحنة الطاقة التي يوفرها الزبيب للذاكرة والذي كانت توصي به امهاتنا لم تأتي فعلها.
أو اننا بحاجة الى قلم ودفتر ملاحظات كلما خرج أحدهم ليستعرض علينا عطفه وخوفه على مصالح الناس، على الأقل لنذكره بعد أيام بما قاله وادعاه.
باختصار السياسة (نسّاءة!) وتنتج دائماً سياسيين(نسّائين!)و(يتناسون!) و(ينسون) وكل تصاريف الفعل (نسي).
علينا ان نحارب نسيانهم ومحاولاتهم جعلنا مثلهم، إما بالزبيب! أو بالقلم ودفتر الملاحظات جنب التلفزيون.