المنبرالحر

"معضلة" تسكين الدرجات الوظيفية لذوي المهن الصحية! / د. سلام يوسف

احتج وتظاهر واعتصم ذوو المهن الصحية عام 2006 مطالبين بحقوقهم ليس إلاّ.
ومطالبهم تتلخص في رفع تسكين الدرجات الوظيفية، والتعامل معهم كما يجري التعامل مع باقي موظفي الدولة في التدرج ضمن ضوابط السلّم الوظيفي، كذلك شمولهم بمخصصات الخطورة البالغة 100بالمئة أسوة بالأطباء، وأخيراً إلغاء قرار مجلس قيادة الثورة المنحل ذي الرقم 1559 الصادر عام 1978 والقاضي بحل نقابة ذوي المهن الصحية.
حينها أشرنا تحت عنوان"ما ضاع حق يا وزارة الصحة..وراءه مطالب" في عمودنا هذا الى الأهمية الإنسانية والمهنية والوطنية في إنصاف ذوي المهن الصحية وإصدار قوانين تثبّت فيها حقوقهم ويُضمن تنفيذها، خصوصاً بعد صدور كتاب وزارة الصحة المرقم 45828 في 26/9/2006 القاضي بتعديل رواتب العاملين في القِطاع الصحي عدا ذوي المهن الصحية!
وتساءلنا عن أسباب تمييز الأطباء عن غير الأطباء لا سيما فيما يخص احتساب مخصصات الخطورة. فخطورة الإصابة بالأمراض المعدية تشمل جميع العاملين، وإذا ما حصل (زلزال !)، فهو لا يستثني أحداً.
واليوم ومرة أخرى يخرج المغبونون، ذوو المهن الصحية، للتظاهر مطالبين بحقوقهم التي أصبحت عصية على التحقيق و(الفضل في ذلك يعود الى طبيعة النظام القائم المبني على التمايز الطبقي. وكذلك يعود الى المتنفذين في السلطة الذين لا تهمهم حياة الشعب ومصالحه وحاجته الى ان يعيش بظروف يتوفر فيها الحد الأدنى من متطلبات الراحة والاستقرار والأمن والأمان).
ولمّا كان العراق يعيش حالياً أجواء مشحونة بالنهوض الذي نتج عن وعي الجماهير بما يقترفه المتنفذون من كبائر، وعلى الصعد كافة، فمن المنطقي جداً أن يتظاهر معهم ذوو المهن الصحية وهم جزء من هذا الحراك، فالتظاهرات الشعبية العارمة ما هي الاّ وسيلة تعبر بها الجماهير عن سخطها على ما آلت اليه سياسة المحاصصة، وهي تتحمل نواتج أفعال وسياسة المتسلطين على الحكم.
ومؤخراً تظاهر ذوو المهن الصحية في ميسان وبابل والنجف وكربلاء وذي قار وستتبعها حتماً تظاهرات زملائهم في بغداد، فلا مناص من التظاهر من أجل أخذ الحقوق واستردادها، وهو حق دستوري ووفق أحكام وضوابط كيفية ممارسة هذا الحق باسلوبها الحضاري المدني المعروف.
ورغم أننا نسمع بالإصلاحات ولم نلمسها حتى الآن وكأنها أُطلقت من أجل تهدئة الشارع الغاضب، ناهيك عن محاولات الالتفاف عليها بشتى الوسائل والطرائق، فأننا نعتقد انه قد آن الأوان للاستجابة الى مطالب ذوي المهن الصحية وتحريك درجاتهم الوظيفية وتحقيق العدالة اسوة بزملائهم في المهنة الذين تحتسب لهم مخصصات الخطورة. وعكس ذلك فأنه يعبّر عن حقيقة عدم اكتراث المتنفذين في السلطتين التشريعية والتنفيذية بمطالب هذه الشريحة الواسعة، وهي العمود الفقري الذي يتحرك به ومن خلاله النظام الصحي في العراق. كذلك فأن عدم الاكتراث سيدفع هؤلاء المتظاهرين للجوء الى المحكمة الاتحادية والقضاء العراقي، والذي هو الآخر قد أصيب بمرض الفساد في عهد الدورتين السابقتين وما زال، والذي يجب أن تهب عليه رياح الإصلاحات.
وحقيقة لم نجد أي مبرر للتسويف والمماطلة في الاستجابة لمطالب ذوي المهن الصحية رغم عدالتها، فهل تراها أصبحت "معضلة" عصيّة على الحل؟