المنبرالحر

حقائق وارقام عن هجرة اللاجئين الى اوربا / ترجمة واعداد: حازم كويي

الحديث عن مشكلة اللاجئين الانسانية ،الذين يتركون اوطانهم قسراً موضوع شائك تدور حوله اسئلة كثيرة لمشكلة قائمة منذ اكثر من عشر سنوات يرتبط بعضها حصراً بالحرب في افغانستان والعراق وسوريا .
الهجرة تتمثل بهروب مئات الالآف ،افراداً وعوائل والذين فقدوا الامن والسكن والعمل نتيجة الارهاب والحروب الاهلية ،بالاتجاه نحو اوربا وبطرق محفوفة بالمخاطر والالآم المأساوية عبر تركيا وغول البحر المرعب بقوارب الموت الى اليونان وايطاليا،لاجل مواصلة الى بلدان اوربا ،فهو طريق سالك خطير يجب دفع ثمنه بآلاف الدولارات ، ولايؤتمن الا بعد شق الانفس وحياة الانسان فيها تتمثل بين خطين احده الموت والآخر الحياة ،يلعب فيها المهربون والموظفون المرتشون دوراً اجرامياً جشعاً يخلو من ادنى شكل من القيم الانسانية .
الكثير من هؤلاء اللاجئين هم اكاديميون من عدة اختصاصات ومن الطبقة الوسطى التي تنشد مستقبلا مضمونا ،يليق بوضعهم الاجتماعي ،اضافة الى الذين كانوا يمارسون اعمالاً تجارية حرة.
الثقل الكبير اصبح واقعاً على دول المحطات الاولى التي تستقبل اللاجئين كاليونان وايطاليا اللتين ليست باستطاعتيهما استيعاب هذا العدد الكبير ،والتي سهلت بدورها فتح الحدود لمواصلة المسير الى اوربا الغربية .
اما لاجئو دول البلقان كالبوسنة وكوسوفو ومقدونيا ،فأن مستقبل الشباب هناك غامض نتيجة البطالة الكبيرة.
لايتعرض حالياً على الاقل اللاجئون القادمون من الدول التي تعاني الحروب والارهاب الى خطر ارجاعهم بعد التأكد الكامل من هوياتهم الاصلية ،ولكن عليهم الانتظار الطويل بسبب قلة الكادر الذي يستوعب هذه الاعداد الكبيرة.
السؤال المطروح الآن هو هل بأستطاعة المانيا بالذات استيعاب هذا العدد الكبير ،دول صغيرة مثل الاردن ولبنان تغص بمئات الالآف منهم ،ففي لبنان الذي لايتجاوز عدد سكانه اربعة ملايين ونصف ،فيها اكثر من مليوني لاجئ سوري.
القسم المختص بشؤون اللاجئين في الامم المتحدة اعلنت ان هناك اكثر من 60 مليون لاجئ يهربون من بلدانهم الى دول الجوار ، منهم بحدود تسعة اعشار في البلدان النامية.
اوربا الصناعية لوحدها لا تستطيع تحمل مسؤولية اللاجئين المتدفقين ،رغم انها دعمت حكومات طاغية وحروبا اهلية .
الحرب الذي قادتها امريكا ضد افغانستان والعراق مع حلفائها الاوربيين ،زادت وعقدت مشكلة اللاجئين ،ولم تمنع حليفتها في الناتو دولة تركيا ،التي سلحت داعش الارهابي،اضافة لكونها اي (تركيا )اكبر مستورد للسلاح الالماني.
ومن جانبها فأن المانيا قد خصصت مبلغ 6 مليارد يورو يجري توزيعها على سكن اللاجئين والخدمات الاجتماعية وتهيئة مستلزمات تعليم اللغة الالمانية.
هذا المبلغ اخذ من صندوق الضمان الاجتماعي للمقاطعات والبلديات الالمانية ،التي جمعت خلال النصف الاول من هذا العام مبلغاً بحدود 21 مليارد يورو ،لم تدفعه وزارة المالية التي تعارض ذلك.
الوضع الانساني لهؤلاء اللاجئين يدعو الى طرح فضية عدم تركهم عرضة للحروب الاهلية وابتلاعهم في البحار القاتلة.
وبما ان عبور الحدود من مناطق الحروب الى اوربا صعبة ومقيدة بشروط عديدة ،فأن الارباح خيالية لعصابات ومافيات التهريب والتي تطالب مبالغ كبيرة عن كل فرد ،و تزداد جرائمهم يوماً بعد يوم.
والقضية الآخرى المطروحة هي هل بأمكان المانيا بنظامها الاقتصادي والاجتماعي تحمل هذا العدد من اللاجئين؟
جاء في في دراسة لمركز الابحاث الاقتصادية الاوربي ،ان 6,6 مليون اجنبي يعملون في المانيا غير الحاملين للجنسية الالمانية قد دفعوا لصندوق الضمان الاجتماعي عام 2012 بحدود 22 مليارد يورو ، وهو مايعادل سنوياً مبلغ 3300 يورو لكل فرد.
ومن هنا يمكن الاستنتاج ان المبلغ الذي سيصرف على اللاجئين سوف يعاد لاحقاً الى صندوق الضمان الاجتماعي حالما يجدون العمل المناسب لمؤهلاتهم وحتى غير المناسب. وهي زيادة في النمو التكاملي اقتصادياً واجتماعياً.
معلوم ان الوضع الديموغرافي في المانيا اصابه تغيير ومنذ عقود ، منها قلة الولادات وزيادات اعمار كبار السن بضمنهم المتقاعدون ، لهذا أشار رئيس غرفة التجارة والصناعة الالماني (أخيم ديركس ) الى مواقف اولئك الذين يتظاهرون ضد الاجانب قائلاً( ان الذي يتظاهر ضد الاجانب عليه ان يعرف ان راتبه التقاعدي سيتعرض مستقبلاً الى الخطر).
المانيا تحتاج الى قوى عاملة مؤهلة سوقها متوفر عند اللاجئين ، رغم انها ستحصل على اجور اقل وليس كما هو متعارف عليه سابقاً ، الذي سيعرض النقابات المدافعة عن حقوق العاملين الى مشاكل عليها ان تأخذها بالحسبان بعدم اللعب على المصالح الطبقية والذي يخدم مصالح الرأسمالية.
من جهة اخرى فأن المانيا ترفض قبول اللاجئين القادمين لها من دول البلقان كونهم يأتون لاسباب اقتصادية، رغم ان اوربا الرأسمالية قد لعبت دوراً بعد انهيار المنظومة الاشتراكية بتقسيم يوغوسلافيا سابقاً الى دويلات من خلال الحروب الاهلية ، التي ولدت الاحقاد والضغائن.
فمن يتحمل مسؤولية ما يحصل من مآسٍ وحروب وتقاسم على النفوذ في بيتنا الكبير (كوكبنا الارضي)!