المنبرالحر

على أعتاب الموازنة / قيس قاسم العجرش

على خلاف آراء الكثيرين الذين عدّوا السنة الحالية هي الأسوأ من الناحية المالية التي مرّت على العراق، فهي قد تكون الأفضل منذ عشر سنوات أو أكثر.
مصدر الأفضلية لهذه السنة أنها بصّرت الحكومة والناس معاً عن مدى الفوضى التي يمكن أن نسقط فيها لو واصلنا الاعتماد على النفط كمصدر يتيم لتمويل دولة ريعية لا تُحسن سوى التبذير في الصرف وخلق جماعات سلطوية فاسدة.
فَهِم الجميع أنَّ علينا(من أجل البقاء وتفادي الإنهيار)أن نغيّر من سلوك الدولة وسلوك الافراد فيها في وقت واحد.
تعالوا الى الأرقام لنفهم اكثر.
مشروع الموازنة لسنة (2016) انتهت منه وزارة المالية ومن المُحتمل أن يمررهُ مجلس الوزراء الى البرلمان سريعاً جداً. لكنه مثل المشاريع السابقة يحمل نفس الأمراض والإصابات السابقة التي تسببت بعَرَج الموازنات وعاهاتها.
العجزُ ببساطة سيتجاوز 25 مليار دولار. وهو رقم أعلى مما في موازنة 2015.
والنفقات الاستثمارية وضِع لها رقمٌ مُبهمٌ لن يتحقق في كل الأحوال، لأنه سيتآكل أمام النفقات التشغيلية وتعاظمها، (الإستثمارية)ستصل الى 24 مليار دولار وهو رقم (وهمي غير محسوب) بكل المقاييس.
أما المُعضلة الأكبر فهي(التشغيلية)وستكون بحدود 68 مليار دولار، وستعمد الحكومة الى المناورة بهذا الالتزام الهائل عن طريق ضغط الرواتب والأجور(بعد) إقرار الموازنة وليس قبلها. هذا يعني أن القرار في الضغط ستديره الحكومة ودوائرها المالية تجاه الموظفين الذين سيبلغ عددهم بحدود 6 مليون دون أن ترجع الى قانون الموازنة مثلما يحصل الآن.
السيئ في هذا القرار( إن تم تمريره في مجلس الوزراء) أنه سيضع اللائمة على رقبة الحكومة حين تتقشف بينما سيسعى البرلمان الى توسعة الدرجات الوظيفية لأسباب انتخابية بحتة. وقد تكرر هذا في كل موازنة.
التقشف يجب أن يبدأ من واقعية الأرقام التي تمررها الموازنة وهي مازالت في طور المشروع، بدلاً من تركها الى السلطة التشريعية كي تخضعها الى مزايدات سياسية لا طائل منها ولا نتيجة لها سوى مزيد من الفوضى المالية والعجز.
وجب أن تكون الموازنة(واعية)لطبيعة المطبّات التي تزيد في ورطة الاقتصاد العراقي، وهذا لم يتبين لحد الآن وفقاً للمشروع الذي انتهت منه للتو وزارة المالية.
قضية الاقتصاد ليست مساومة، انها مستقبل أجيال ومصير وطن ورؤية في سبيل تقدمه، لا يُعقل أن تخضع لهذا المستوى من العشوائية وعدم المُبالاة في رؤية الأرقام وهي تتفاقم؟!