صفحة تظاهرات مدنية منظمة ومشرقة، تشهدها كل اسبوع ساحات التحرير في بغداد والمحافظات.. أكثر من شهر ونصف والحراك الشبابي مستمر، يرمم الثقة في نفوس الشعب، ويمحو احباط أعوام مظلمة، تفاقم جراء الفساد والخراب والفوضى المستشرية.. لم تعد محاولات امتصاص النقمة ذات جدوى بعد الآن، ولا عملية تقطير الاصلاحات ناجحة في ايقاف الحركة الجماهيرية التي بدأت تتنوع في احتجاجاته وغضبه، فالتظاهر سلوك حضاري، يبرر قيامه التجاوز والتلكؤ والفساد الحكومي، ويمنحه الحق بالتحول إلى رادع ومصحح ومصلح ومغيِّر.. هناك ظلم وفساد وارهاب، وثمة خراب عشَّش في قطاعات حكومية واسعة، في القضاء والأمن والصحة والتربية والتعليم وغيره وغيره، وهناك من يديره ويحافظ عليه من حيتان المحاصصة والمحسوبيات وأرباب الفساد، حتى غدت الهوّة سحيقة بين المنتفعين من اللصوص، وبين الغالبية المحرومة من شرائح واسعة من الشعب..

لا بد من التظاهر اذن، كطريق سلمي مسؤول، فهو وحده الكفيل بالتغيير والاصلاح.. لا مجال لسوق المبررات والتحايل على التظاهرات، لا مجال للكذب، لقد استأثرتم بالسلطة وتلاعبتم بالمال العام.. كفى اختلاسا، كفى ضياعا، حان وقت بداية تغيير هادئ وسلس، ترسمه قوى شبابية وشعبية وطنية منضبطة ومسؤولة. انهم بُناة الديمقراطية الحقيقيون، أولئك الذين لم تحسبوا لهم حسابا..