المنبرالحر

العبادي و"القائد الضرورة" / قاسم السنجري

من ما يسر النظر ويفرح القلب أن نرى رئيس الوزراء بحماسته التي ظهر فيها، وهو يتناغم مع مطالب المتظاهرين ويردد ما رددوه طيلة الاسابيع الماضية. غير أن هذه الحماسة تثير المخاوف أيضاً. حيث ان حماسته الاولى سرعان ما خفتت وتيرتها وانشغل بإجراءات ترقيعية لم تقنع أحداً من المطالبين بالإصلاحات من جهة، كما انشغل بتهدئة الأجواء مع القوى الرافضة للإصلاحات من جهة أخرى. الأمر الذي ترك انطباعاً سيئاً لدى المحتجين وشعوراً هيمن على اجواء التظاهرات بأن الحكومة غير جادة في تنفيذ أية مطالب مشروعة، كما أنها غير مستعدة لتنفيذ القرارات الاصلاحية التي صوّت عليها مجلس النواب وبقي اغلب فقراتها بالفعل من دون أن يرى التنفيذ.
وفي لحظة حماس تشابه حماس اللحظة التي اطلق فيها رئيس مجلس الوزراء خطته الإصلاحية وألغى فيها مناصب نوابه ونواب رئيس الجمهورية، كرر السيد العبادي ذلك واطلق حقيقة «القائد الضرورة» التي يعرفها الجميع، لكنها تصدر للمرة الأولى من المسؤول التنفيذي الأول في البلاد. الحقيقة التي يعرفها الجميع هي أن رئيس الحكومة السابق تعامل مع مقدرات الدولة واموالها باعتبارها ملكاً خاصاً، فاسبغ العطاء على المقربين ولشراء الموالين في الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجالس المحافظات. وليس هذا فقط، بل استخدم المحاباة في منح المناقصات والعطاءات والمشاريع، ومنها ما ظل على الورق ولا وجود له على أرض الواقع، أو اصبح ضمن باقة المشاريع المتلكئة.
أرجو ألا تكون تصريحات السيد العبادي التي أدلى بها في مؤتمر صحفي يوم السبت، مجرد زلة لسان غلفها الحماس وشعوره بنجاح حضوره في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، أو أنه كان يعيش نشوة التحالف الرباعي مع روسيا وإيران، لتدفعه الحماسة إلى اطلاق تصريحات بشأن الهدر المالي الذي تسببت فيه حكومة سلفه وأمين عام حزبه نوري المالكي. كما يجب أن لا تكون تصريحات السيد العبادي شقشقة هدرت ثم استقرت ولن يتبعها أي إجراء من شأنه أن يسهم في استعادة الأموال المهدورة والمنهوبة، والتي وزعتها الحكومة السابقة يميناً وشمالاً وتركت الشعب يواجه أزمة مالية وضعت البلاد على شفا الإنهيار الاقتصادي.