المنبرالحر

انجازات جديدة للطبقة السياسية الحاكمة / مرتضى عبد الحميد

من المعلوم داخلياً وعربياً وعالمياً، ان لدى العراقيين طبقة سياسية حاكمة لا يأتيها الباطل من امام ولا من الخلف، ولا من الجوانب ايضاً، لانها متخمة بالباطل، ولا مجال للمزيد منه يمكن ان يضاف الى ترسانتها. ولهذا استطاعت باقتدار وبسرعة قياسية يحسدها عليها الآخرون، انتاج دولة فاشلة تقبع في اسفل سلم هذا النوع من الدول. والفضل كل الفضل يعود الى فلسفة بناء الدولة، التي تبنتها هذه الطبقة منذ الايام الاولى لاعتلائها حصان السلطة، واعتمادها المحاصصة الطائفية - الاثنية منطلقا لتعاملها مع الدولة ومؤسساتها على أسس الغنيمة والفرهود.
والكل يعلم ما آلت اليه هذه السياسة اللااخلاقية، وكيف جرت البلد الى هذا المستنقع الآسن، بحيث بدأ الناس يترحمون على اكبر مجرم عرفه التاريخ الحديث والقديم في العراق وربما في العالم. وهو ما يذكرنا بقصة سارق الاكفان الشهيرة. وهم بطبيعة الحال مخطئون في ذلك، لان صدام حسين هو الاب الروحي للعديد من هؤلاء السياسيين، الذين تخرجوا من مدرسته، او تأثروا بها، وبطروحاته التي مزقت المجتمع العراقي، ونسيجه الاجتماعي والسياسي، فجاؤوا ليكملوا ما بدأه الطاغية وأرسى أسسه التدميرية ويبدو ان ساستنا العباقرة لم يكتفوا بـ « الانجازات « التي حققوها للشعب العراقي طيلة الاثنتي عشرة سنة الماضية، من فساد مالي واداري وسياسي، وغياب شبه كامل للخدمات، وتمزيق للوحدة الوطنية، فضلا عن اشاعة العنف والارهاب، وصولا الى احتلال داعش ثلث مساحة العراق، وتنظيف خزينة الدولة من آخر دولار فيها، فأرادوا اضافة انجازات جديدة يمكن رصد ثلاثة منها في الفترة الاخيرة، وهي الابرز في هذا السفر غير المشرف.
الاول هو انتشار مرض الكوليرا، بعد ان اختفى من العراق ودول المنطقة، دع عنك الدول المتقدمة، منذ سنين طويلة. والاسباب لعودته كثيرة كما يقول المسؤولون المعنيون، وتتلخص في تدني المستوى الصحي والمعيشي وتلوث المياه والبيئة بصورة عامة، وغرق الشوارع والمدن بأكوام النفايات، رغم ان مكاتب المسؤولين لا تخلو من يافطة « النظافة من الايمان «. والغريب في الامر فعلا، انهم لا يستحون حتى عندما يشاهدون مستوى النظافة في كل من ايران والاردن على سبيل المثال، عند زياراتهم لهما وما اكثرها.
الانجاز الآخر هو هذه الهجرة المليونية للشباب والعوائل العراقية، بحيث تحوّل العراق الى قوة طاردة لابنائه، بعد ان كان العراقيون متشبثين بوطنهم الى حد القداسة. ولا بد من الاشارة الى ان حجم هذه الموجة من الهجرة وتوقيتها يستدعي الشك والريبة.
المنجز الثالث وهو ثالثة الاثافي كما يقال، هو الموقف المناهض، بل المعارض للاصلاحات التي خرج الشعب مطالبا بها منذ 31 تموز الماضي، وحظيت بدعم كبير من المرجعية ومن دول العالم المختلفة.
ان المعارضين والمتآمرين على مطالب الشعب العراقي، في اصلاح العملية السياسية ومكافحة الفساد المستشري في الدولة والمجتمع، وتوفير الخدمات بمستوى يليق بالبشر، انهم لا يجمعهم جامع بالوطنية، ولا بالنزاهة، ولا حتى بالكرامة الشخصية، وهم يرون صورهم تحرق وتضرب باحذية الجماهير.
ان الشعب لن يرحم مستغفليه وناهبي ثرواته، والتاريخ ايضاً سيضعهم في مكانهم اللائق من حديقته المعروفة.