المنبرالحر

مقياس الحرارة / قيس قاسم العجرش

يمكن أن يحُلّ «النفط» محلّ مقياس الحرارة الذي يكشف به الطبيب إن كان في الجسدِ علّةً أم لا.
خفض أسعار الخام في الأسواق العالمية كان هدفاً معلناً لدول الخليج والسعودية تحديداً منذ أن بدأت تخوض بنفسها حروبها مع الآخرين ومنها حرب اليمن.
ولأننا نسكن في إقليم شعبي، مثل(الحيّ الشعبي)فإن أسرار بيتنا مُعلنة ومشاكلنا يعرف بها الجيران قبلنا أحياناً. والجيران الفضوليون جداً عرفوا منذ مدّة ليست بالقصيرة أن ربّ الأسرة عندنا، أي(حكومتنا) لم يطوّر أي موردٍ آخر غير بيع النفط، حاله يشبه موظفاً كسولاً يخاف أن يتورط بتغيير أي شيء ولا يقدم على أي خطوة من شأنها تحسين مورده الوحيد(الراتب) مهما استنزفه التضخم.
السعودية سمعت بآذانها كيف أن روبرت غيتس نقل الى أوباما رأيه عن صراع المملكة مع إيران،حيث قال للرئيس:» إن الجماعة في السعودية راغبون في مقاتلة ايران حتى آخر جندي أمريكي!». كما لم يعد سراً أن دولة الامارات المُسالمة المتحضّرة اقترحت على الولايات المتحدة عام 2009 ايقاع ضربة نووية (تكتيكية!) تستهدف مواقع الابحاث النووية الايرانية، على أن تتكفل الامارات بتسويق ذلك في الاعلام العربي.
المهم، إن النفط صار عملياً يباع بأقل من سعر الماء المُعبأ الذي نشتريه في شوارع بغداد ولا يحمينا من الكوليرا بينما يسعد أوباما محلياً أمام مواطنيه بأن فاتورة بانزين سياراتهم وصلت الى أقل من النصف في عهده الميمون.
أوحت الولايات المتحدة الى حلفائها أن يُملوا على العراق شروطهم من أجل استمرار دعمه في حربه ضد الارهاب، رغم ان من يضحّي بنفسه في هذه الحرب هم العراقيون فقط، فالذي لم يقله أوباما في مؤتمر مكافحة ارهاب داعش بنيويورك قالته رئيسة وزراء استراليا حيث طلبت من العراق ان يمرر قانون الحرس الوطني كي يستمر هذا الدعم!...يعني يضعون شروطاً من أجل مقاتلة الارهاب!.
الجيران يضغطون بتخفيض اسعار النفط، وتركيا تضغط بجعل حدودها الجنوبية متنزهاً للارهابيين وحدودها الشمالية ممراً للهجرة الى اوروبا. والولايات المتحدة تريد ترتيب كل شيء سياسياً الى أدق التفاصيل قبل أن يحرر العراقيون منازلهم وقراهم ومُدنهم في الأنبار والموصل..بل انها قد تمنع بشكل ما حدوث هذا التحرير قبل ان يتم الترتيب الذي ترغب فيه.
الجميع يمارس السياسة على رؤوس العراقيين بأسوأ مواردها اللا أخلاقية. لذلك، حينما يتحرك العراقيون لتحرير الرمادي وتضرب روسيا مواقع حقيقية لعصابات داعش وفي نفس الوقت «ترتفع» اسعار النفط، إذن، نحن في الاتجاه الصحيح. الصحيح جداً.