المنبرالحر

الصناعة الوطنية.. والعلاقة بين الحكومة والطبقة العاملة / عامر عبود الشيخ علي

"صنع في العراق" حملة اطلقها وزير الصناعة محمد صاحب الدراجي قبل أيام أمام عدد من الاعلاميين، مشيرا الى "ان واقع الصناعة العراقية سيئ جدا وعلينا استعادة مصانعنا وتأهيلها حتى تبدأ الانتاج، مؤكدا "ان سماسرة وتجارا يجنون ثمانية مليارات دولار سنويا يقفون ضد مشاريعي التي تتضمن تأهيل جميع المصانع والمعامل في العراق".
خطوة جيدة ان يدعو وزير الصناعة الى اطلاق تلك الحملة واعادة عملية الانتاج بعد ان شلت ودمرت منذ عام (2003) ولأسباب عديدة منها داخلية وأخرى خارجية مرتبطة بمصالح الدول الرأسمالية والمؤسسات الاقتصادية العالمية، تلك الحملة وان كانت متأخرة عن اصوات الطبقة العاملة التي صدحت منذ انهيار النظام الفاشي الى هذا اليوم، مطالبة باعادة تدوير عجلة الانتاج وتأهيل المعامل والمصانع في القطاع العام ودعم القطاع الخاص، متمثلا ذلك في كل الاحتجاجات والتظاهرات التي خرجوا بها.
وما اطلقه الدراجي يجب ان لا يكون تغزلا بموجة الاصلاحات التي طالبت بها الجماهير خلال التظاهرات الحاشدة، بل يجب ان يكون ضمن القناعة بانها ضرورة وطنية للنهوض باقتصاد البلد وتنوعه وعدم الاعتماد على النفط في رفد الموازنة العامة، والوقوف بوجه السماسرة والتجار الذين يريدون تعطيل القطاع الصناعي العام والخاص، واتخاذ الاجراءات السليمة للارتقاء بما هو مطلوب لإعادة دوران عجلة الانتاج اذا ما تضافرت اسباب وجهود عديدة، بعضها يكون في نوعية اقتصاد الدولة وبعضها الاخر يتعلق بشكل العلاقة بين الحكومة والطبقة العاملة وقيادتها الاتحاد العام لنقابات عمال العراق، اذ ان الشروع بصناعة وطنية لابد من ان يبدأ بتلك العلاقة وتطويرها، وكذلك الغاء كل القرارات وتعديل القوانين السابقة التي تكبل الصناعة في كل قطاعاتها.
ان عملية اعادة الصناعة الوطنية ليست بذات الصعوبة التي يصورها البعض ممن تتضرر مصالحهم من تلك العودة، بل هي عملية سهلة تبدأ في تشغيل المصانع المنتجة والتي لا تزال تعمل, مثل الصناعات الجلدية ومعامل الغزل والنسيج والسمنت والالبان ومصانع الزيوت النباتية والادوية وزيادة انتاجها من خلال فتح خطوط انتاجية جديدة، والمهم حماية تلك المنتجات من خلال فتح أسواق لها وان تتكفل الحكومة بتسويقها الى الوزارات والمؤسسات الحكومية وفرض الضرائب على المستورد.
الطبقة العاملة مع تلك الحملة متمنية ان لا تكون مجرد تصريحات سرعان ما تتوقف بحجة التمويل والموازنة، وان الشركات خاسرة ولا يمكن ان تعود الى الانتاج. ومرة اخرى لا صناعة وطنية من دون اشراك الطبقة العاملة في رسم سياسة اعادة وتأهيل القطاع الصناعي العام.