المنبرالحر

لا تتسرع وتصدر أحكاماً / جاسم الحلفي

خيار اللاعنف هو خيار الشجعان، وان الكفاح السلمي في العراق اليوم هو أصعب الخيارات على الناشطين وأخطرها على كبار الفاسدين. نعم لا ننكر اننا من يدفع إلى التمسك بعدم التصعيد، ونحن من يسهم في منع التوتر، ولا نسمح بالقدر الذي استطعنا ونستطيع من دفع الحركة الاحتجاجية نحو استخدام الوسائل العنفية.
لا ننسى مطلقا سلوك القوى المتضررة من مطالب المتظاهرين، التي دست عناصرها في التظاهرات واستماتت من اجل دفع المتظاهرين الى الاحتكاك مع القوات الأمنية والتصادم معها، وكنا منتبهين جدا الى هؤلاء وحذرين من سلوكهم.
كما لا ننسى محاولة جرنا الى العنف والتصادم داخل الساحة، حينما تم الاعتداء على بعض الناشطين، وتكسير الأجهزة الصوتية. وقد نجحنا في الحفاظ على سلمية التظاهرة ببغداد، رغم الانتهاكات التي أقدمت عليها الأجهزة الأمنية المتمثلة في اعتقال عدد من الناشطين وتعذيبهم واخذ تعهدات بعدم مشاركتهم في الحراك الشعبي، في انتهاك واضح لحرية التعبير ومخالفة صريحة للدستور متقاطعة على نحو جلي مع دعوات الإصلاح. نجحنا الى حد كبير في بناء رؤية للشباب المتحمس الذي وجد عدم اكتراث الحكومة بالتظاهرات والتعامل السلبي مع المطالب، وقد أقنعناهم ان فعلنا مؤثر وستكون نتائجه طيبة على العراق، وسنحقق نصرا مهما للشعب في نهاية المطاف.
أي مدني يفقد عقله وحجته ان لجأ الى العنف، وكل ناشط يتطلع الى الدولة المدنية ليس من حقه ان يسهم في سفك دم مواطنيه، وليس ثوبنا نحن الذين نريد للعراق السلام والاستقرار ان تلوث أيادينا بحرق أي ملك عام او خاص.
لا تهمنا شتائم المتطرفين من كل الألوان الذين يستفزون ناشطينا ويدعونهم إلى ممارسة العنف، ويعيبون عليهم السلوك الحضاري، الذي عكس صورة ناصعة ايجابية عن شباب العراق الواعي. نحن الذين نقف بقوة مع قواتنا العسكرية والأمنية في مجابهة داعش التخلف والخراب والحرائق، نقف سداً منيعا وبقناعة لا تقبل التأويل ان السلام خيارنا مهما بلغت بذاءة الإساءات والشتائم.
ان الأسباب التي تشعرنا بالسعادة عديدة نتيجة الدور الذي قمنا به الى الآن، ومن أروع ما سمعناه اليوم، عبر الاتصالات الهاتفية مع زملائنا الناشطين المدنين في السليمانية، هو تقييمهم الايجابي لأسلوبنا السلمي الذي درجنا عليه كل هذه المدة، وهم يضعونه حجة قوية من اجل خيار الاحتجاج السلمي وكفاح اللاعنف، وعدم السماح بتحويل الاحتجاج الى ساحة تصفية الحسابات بين القوى المتنفذة وأحزابها، وعدم إعطاء فرصة إلى رؤوس الفساد لتخريب حركة الاحتجاجات.