المنبرالحر

ألم يحن الوقت لتنفيذ مشروع التكسي النهري ؟ / ابراهيم المشهداني

صحيح إن العراق يعاني أزمة مالية خانقة لها اسبابها. وصحيح أن محاربة داعش عدت من الأولويات التي ينبغي تعبئة كامل الجهد الوطني لتصفية وجوده في العراق. وصحيح ايضا ان الحكومة الحالية وضعت حزمة من الاصلاحات لم يكن بينها تطوير القطاعات الخدمية التي يشكوها الشعب منذ سنين. ولكن مهما كان الامر واشتدت الخطوب فليس من الصحيح ان يتوقف الاداء الحكومي عند فك الأحزمة عن القطاعات المتدهورة التي ينبغي ان يكون لها حضور في الاولويات. فالاختناق المروري يتعاظم يوما بعد يوم بسبب التسارع في استيراد السيارات من المناشئ كافة الغث منها والسمين , في تجارة يغلب عليها طابع الانفلات، وليس للتخطيط فيها مكان، ربما لفهم غالب، ان التخطيط هو لصيق بالنظام الاشتراكي الذي يقف منه موقفا ايديولوجيا ثأريا لا بد من اقامة مصدات له لإرضاء الاصدقاء ! حتى اصبح هذا الاختناق واحدا من ابرز المنغصات في حياة المواطن اليومية. بل اصبح لهذا الاختناق اثار اقتصادية سلبية خطرة على الموطن الفرد وعلى الاقتصاد الوطني، تتجسد في هدر الوقت على نحو لم يكن لقانون الوقت اي معنى في لجة المصالح الذاتية للكثير من المتنفذين في مركز القرار ممن يمتلكون شركات استيراد تتقدم على اية مصلحة وطنية عامة .
ولئن كانت هناك افكار بشان اقامة مشاريع بديلة لخطوط النقل القائمة التي لا تتحمل التوسيع من الناحية الموضوعية بسبب التخطيط السكني الذي مضت عليه عشرات السنين، ومن بينها مثلا تنفيذ مشروع مترو بغداد وهو من المشاريع الحضارية الذي لو نفذ لكان من افضل البدائل الكفيلة بحل ازمة الاختناق المروري ولهذا المشروع قصة بدأت منذ 1981 حينما عجز النظام عن تنفيذه بسبب الحرب العبثية التي اشعلها مع ايران وقد ترتب عليها تدمير العراق اقتصاديا وماليا بل وأودت بحياة مشعلها في نهاية المطاف غير مأسوف عليه، وفي عام 2007 اعلن امين بغداد انذاك ان تلك السنة ستكون سنة المباشرة بتنفيذ المشروع، وبعد سبع سنوات وتحديدا في عام 2013 أعلن ان شركة سيستر الفرنسية قد باشرت في تطوير التصاميم وستنجز في العام نفسه بكلفة مقدارها 5,7 مليار دولار ولست متأكدا ما اذا تم الانفاق على هذا المشروع ام لا ولكنه عاد من جديد ادراج الامين وربما لم يظهر الى العيان في المدى المنظور .
ان بقاء الاختناق المروري بهذه الشدة ، والاستمرار باستيراد السيارات بالمعدلات الحالية لهما تداعيات اقتصادية وبيئية ونفسية شديدة الوطء ما يتطلب مراجعة سياسة الاستيراد وفي نفس الوقت دراسة امكانيات تنفيذ مشروع النقل النهري( التكسي النهري ) الذي اعلنت عنه وزارة النقل في التاسع من اذار 2015 وإطلاق اول رحلة تجريبية منه لتغطية خمس محطات رئيسة وسط العاصمة الذي تبين فيما بعد انها تصريحات اقتضتها المناسبة وان المشروع كما تنقل المصادر قد كلف 20 مليار دينار عراقي وقد تبين انه مجرد زوبعة اعلامية لا وجود له على ارض الواقع سوى المطاعم الموجودة على ضفة الجادرية.
ولكن اهمية المشروع تبقى قائمة ليس فقط للتخفيف من مخاطر الاختناق فحسب بل سيكون له افاق سياحية واعدة من الممكن ان يكون مردودها مصدرا من مصادر التمويل التي تتطلب التنوع والتنظيم والمراقبة لتكون من المشاريع الاقتصادية الفاعلة اذا ما اديرت بصورة كفوءة ومهنية فضلا عن ان هذا المشروع سوف لن تكون له تكاليف باهضة تحول دون تنفيذه.
ان امانة بغداد ووزارة النقل مدعوتان إلى تفعيل هذا المشروع واتخاذ القرار المناسب واخذ الموضوع بعين الجدية والاهتمام خاصة وان الموازنة الاتحادية ما زالت على طاولة الحكومة .