المنبرالحر

استدراك واجب / محمد عبد الرحمن

حقا ليس الكل حرامية ، لا في مجلس النواب ، ولا في مجالس المحافظات ، ولا في القضاء والحكومة ومؤسسات الدولة المختلفة. وان الاطلاق مضر ويخلط الاوراق ويوفر غطاء لتماهي البعض وضياعهم بين الملايين . وذلك ما يبتغيه البعض الفاسد والمفسد: ان يضيع "راس الشليلة " فيصعب التشخيص، وبالتالي تفتقد البوصلة ويكون الضرب تحت الحزام وتكثر " الفاولات " ، كما حصل في موضوعة التقشف ودمج بعض الوزارات والاستغناء عن عدد من المدراء العامين والمستشارين والوكلاء ، حيث تاهت اسس ومعايير الاعفاء وتساوت " "الكرعة ويّه ام الشعر " كما يقال .
وبمناسبة الحديث عن التقشف فقد قيل واعلن انه جرى الغاء مخصصات اصحاب الدرجات الخاصة ، ولكن ثبت لنا على الوجه الشرعي بان هذا الكلام غير دقيق. فما الغي هو 50 بالمئة فقط منها ، فيما جرى الابقاء على الـ 50 بالمئة الاخرى تحت عنوان مخصصات المنصب. هذا اضافة الى مخصصات الشهادة ، وهي مختلفة من وزارة الى اخرى ، وكذلك مخصصات الموقع الجغرافي والخطورة والمهنة ، اي كسر بجمع رواتب الدرجات الخاصة لمن هم في الوظيفة لم تنخفض ، بل زادت بما يعادل الثلث. وهذا يشمل الرئاسات الثلاث ، مجلس النواب ، الوزراء ، الوكلاء والمستشارين ، المديرين العامين ومن هم بدرجتهم ، ومن يتقاضى رواتبهم . هذا وفقا لنص ما جاء في قرار مجلس الوزراء رقم 333 لسنة 2015 والمعمم من الامانة العامة لمجلس الوزراء في 9 / 9 / 2015. حتى ليبدو ان التقشف طاح براس المتقاعدين فقط !
وفي سياق الحديث عن الاستدراكات، يتوجب القول ان الحياة الديمقراطية في اي بلد ينشدها ويريد ان يرسخها في دستور ومؤسسات وقوانين وقواعد سلوك مرعية ، ان هذه الحياة لا تمسخ الحزبية والتعددية. فليس من الصواب اطلاقا ان توضع جميع الاحزاب والكتل السياسية ، ومن يدعي ان له صلة بليلى (السياسة) في سلة واحدة وتتهم كافة بالفشل والفساد . هذا خلط عمد لا يخلو من مقاصد خبيثة من جانب البعض ، مع تلمسنا العذر لمن لا يدرك ما يقول ويردد ذلك بدون وعي وقصد، مشيا وراء القول : على حس الطبل خفن يا رجليه!
السؤال هنا كم هي حقا الاحزاب التي يمكن ان نسميها احزابا بالمعنى العلمي المتعارف عليه للاحزاب، وتعبيرها عن مصالح طبقات وفئات اجتماعية معينة ، ولها برامح ورؤى ، وتعقد مؤتمرات دورية وتنتخب قياداتها على نحو ديمقراطي، وتسود الدمقراطية في حياتها الداخلية ؟ نكاد نجزم انها لا تزيد على اصابع اليد الواحدة او ما يزيد قليلا ( للتذكير فان المفوضية العليا للانتخابات كانت قد صادقت على 277 كيانا وائتلافا سياسيا للمشاركة في انتخابات مجلس النواب في 2014 ، وبعد الانسحابات بقي 107 كيانات، منها 36 ائتلافا سياسيا ) .
ان من يتحمل المسؤولية ما آلت اليه اوضاع البلاد ، بما في ذلك الفشل الذريع في ادارة البلاد وتفشي الفساد واستشرائه، هو القوى المتنفذة، والافراد المتنفذون. انهم جميعا يتحملون المسؤولية، بهذه الدرجة او تلك .
وهؤلاء من يتوجب تسليط الاضواء عليهم وتعرية مواقفهم، وبالتالي محاسبتهم حسب القانون ، في المحافظات والمركز.
والحذر كل الحذر من الدخان الكثيف الذي يطلق لحجب الحقائق وتضليل الناس .