المنبرالحر

محكمة الشعب / حسين جاسم الشمري

عندما اكتشفت هيئة النزاهة مخالفات في عدد من الوزارات ومؤسسات الدولة سارعت الى احالتها الى المحاكم وجعلتها قضية رأي عام وهنالك من استبشر خيراً بان هذا اول الغيث في الاصلاحات, كما ظهر على السطح من قرع الطبول وكأنه اكتشف كوكبا فيه ماء وخضراء ووجه حسن, ولكن ما اعلن حتى اليوم لا يعدو سوى مخالفات وتجاوزات قانونية لبعض مسؤولي وزارة الكهرباء وامانة بغداد, وبهذا الانجاز تريد هيئة النزاهة ان توهمنا بانها تقوم بواجباتها على احسن صورة وان كل ملفات الفساد المهمة قد جرى التعامل معها, فان كان هذا ينطلي على البعض فانه علينا (لا), لان استقدام مسؤول بدرجة مدير عام او وكيل وزارة لمحاسبته على شراء عجلات مصفحة من الموازنة الاستثمارية وتوزيع قطع أراض لمسؤولين او اقاربهم كانت مخصصة للفقراء او كمناطق خضر ضمن التصميم الأساسي لا تقع في ميزان وحسابات السرقات العملاقة التي جعلت الاحزاب يملكون ما لا يملكه قارون, فان مذكرات الاستقدام تلك صدرت بخصوص قضايا تنطبق عليها مواد قانونية مختصة بمخالفة التعليمات لا اكثر ولن يسجن او يحاكم منهم احد فاقصى درجة ينالونها بعد قضية جنح هي الحبس البسيط او غرامة مالية محدودة خصوصا ان حدثت تدخلات ووساطات وانتهى الموضوع.
ان مطالبات الجمهور وخصوصا المتظاهرين في ساحة التحرير وباقي سوح المحافظات تنادي وتصر على محاسبة حيتان السراق الذين اضاعوا ثروات العراق منذ عام 2003 والتي تقدر بمبلغ 802 مليار دولار فقط من مبالغ الموازنات العامة اضافة الى المبالغ التي لا يعلم عن مصيرها احد وهي العوائد الخاصة بفارق ارتفاع اسعار النفط بعد تحديد مبالغ الموازنات الاتحادية على سعر البرميل انذاك, اي ان الموازنات تحتسب على اساس سعر البرميل مثلا 70 دولاراً وبعدها يرتفع ليصل الى اكثر من 90 دولاراً, فاين تلك الفروقات والى اين ذهبت؟
اليوم على هيئة النزاهة ان تبحث عن تلك الارقام المذهلة وايضا تبحث في ملفات كل السراق الذين نهبوا اموال العراقيين واستقدامهم الى القضاء وامام محكمة الشعب وعدم التهاون مع اي منهم مهما كانت مرجعيته حزبية أو قومية او مذهبية وهي بذلك غير متفضلة انما تقوم بواجبها الحقيقي والشرعي والاخلاقي امام ابناء الشعب, وعليها ان تطلع على التقرير المسرب من السفارة الامريكية في بغداد والذي يؤكد ان الاحزاب الكبرى القابضة على السلطة لوحدها سرقت اكثر من 700 مليار دولار وهنالك اسماء حاكمة لشخصيات واحزاب وردت في التقرير تمتلك مبالغ لا يتحملها العقل فمن اين حصل هذا الذي كان يعتاش على غسل الصحون او رواتب الخدمة الاجتماعية في دول الغرب على المبالغ والثروات المهولة هذه؟