المنبرالحر

للاستمرار دروب... للتراجع درب واحد !؟ / ئاشتي

«1»
أن تستفيق صباحا على صوت فيروز وهي تؤدي صلاتها الموسيقية ليس كما تستفيق على صوت رفيقك الحارس ما قبل الأخير وهو يطلب منك أن تستلم واجب حراستك الصباحية قبل أن تعلن ديوك القرية بزوغ فجر جديد. النعاس يحاول أن يهرب من بين جفنيك أو في الحقيقة تحاول أنت أن تطرده كي لا تسقط في سكرة نوم مفاجأة، لا سيما وتعب مسيرة الليل قد وفر عليك مهمة اغراء سلطان النوم في التسلل إلى عينيك، مع كل هذا تحاول أن ترقب قرص الشمس الصباحي الأحمر عبر أفق تبصره بين بيوت القرية التي حللت ضيفا عليها، مثلما ترقب أن يطل عليك فجأة مرتزقة السلطة وجيشها المغصوب على قتالك.
«2»
الترقب حالة إنسانية لا تستقيم مع الخوف والتوجس، بل هي تبعث على اليقظة والحذر في ظرف ما، مثلما تكون هي مركز قلق انساني مشروع في حالة أخرى. وفي مثل حالتك وأنت تطرد النعاس بمعول الترقب عن عينيك ليس أمامك غير أن تحاكي المستقبل. حقا تبدو محاكاة المستقبل في حالتك ضرباً من الغرق في بحر التصورات، فتروح تبحث عن جملة منها. كأن تكون مثل رفيقك الشهيد حين سأله أبوه ماذا سيصبح لو سقط النظام، فأجابه بكل قناعة انه ممكن أن يكون سفيرا. فما كان من الاب إلا أن يشتم الحكومة التي يكون أبنه سفيرا لها!
«3»
التصورات أحلام في غاية التحقق أو خارجها، لأنها في الحقيقة نتاج خيالات غير قابلة للبرهنة على وقوعها، أحيانا تؤدي إلى الجنة وفي أحايين أخرى إلى جهنم. في الأولى حين يستمر التواصل عبر أكثر من درب للوصول، وفي الثانية حين يكف العقل البشري والظروف المحيطة به عن الإتيان بأسباب الاستمرار. لهذا لم يكن أمامها غير التراجع لكي تكسب مرحلة النجاح الذي حققته.
«4»
التحقق من الاستمرار يتطلب البحث عن دروبه وكيفية سلوكها، ودروبه منفتحة على كافة الاحتمالات: الإيجابية حين يتم اختيارها بشكل دقيق، والسلبية حين يتم التعامل معها بروح الإقحام والعنت. أما التراجع فليس أمامه غير درب واحد يحمل وجهين، السلب منها والموجب، السلب يعني الانهزام والإيجاب يعني الحفاظ على ما تحقق. وبين الانهزام والمتحقق أكثر من فاصلة. والسؤال المُر: هل وصلنا إلى درب التراجع؟ وما هو النوع الذي سنختاره؟
«5»
هل تراني مضطرا أن أقارن بين صنم الفكرة وصنم الصخرة مثلما فعل الشاعر أدونيس؟
«هل صنم الفكرة أعلى،
أو أكثر طهرا،
من صنم الصخرة؟»