المنبرالحر

لسنا وحدنا في ساحات التظاهر / قاسم السنجري

من بديهيات الحراك الجماهيري، أن تكون منفتحاً على الآخر، خاصة عندما تجتمع الجماهير بكافة توجهاتها الفكرية والسياسية على تأشير مكامن الخطأ في النهج الحكومي.
حينما تتحرك بوصلة الشعب في الاتجاه الصائب عند التشخيص وبيان الاخطاء، ويتوجب على الجميع أن يصغوا جيداً لصوت الشعب. فلا مجال لطرح التقاطعات السياسية والفكرية في تجمع جماهيري يدعو لتوفير العيش الكريم والخدمات الأساسية لجميع الناس. واذا كانت هذه المطالب تُدرج في مقدمة برامج الحركات والاحزاب الوطنية، فما الضير في أن تتفق هذه القوى الوطنية على تحقيقها للجماهير، وتؤثر الشعب على مصالحها ومكاسبها.
يذهب بعض الآراء بعيداً في باتجاه التزمت، وتغليب النهج السياسي المتقاطع مع قوى أخرى على مصلحة وطنية تقتضي من الجميع التوحد وترك جميع التقاطعات الفكرية والسياسية، خاصة وأن الهدف الأسمى هو المطالبة بحقوق الشعب واستخلاصها من ايدي سارقي المال العام واساطين الفساد. كما أن اصحاب هذه الآراء ولا أريد التشكيك في وطنيتهم، يغالون جداً في طرح مفهوم الدولة المدنية، بما يجعل هذا المفهوم معزولا ومنقطعاً عن عامة الشعب والقوى الوطنية التي تنشد الإصلاح.
إن مدنية الدولة تأتي من وطنيتها، فمفهوم المواطنة هو أساس في ترسيخ المدنية، لأن المواطن الذي هو فرد من افراد الشعب يعد المصدر للقرار. لذا لا يمكن ان تتم الدعوة لحراك جماهيري وفي نفس الوقت يتم عزل شريحة كبيرة من هذا الشعب ولا يسمح لها ان تشارك في الدعوة إلى الإصلاح.
الإصلاح ليس فعلاً فردياً، بل هو إرادة متحالفة ومتفقة على إنجاح المسعى الإصلاحي. وحين تكون فرداً دون ان تستميل الأغلبية لمطلبك فأن مطلبك هذا سيكون غير ذي فاعلية او تأثير في منظومة الحكم التي تحصّن نفسها بتحالفات بُنيت على أساس المنفعة والمصالح والمكاسب.
لذا من الضروري ان تتجه القوى المدنية إلى استمالة القوى السياسية الراغبة في الانخراط بعملية الإصلاح، ولا تغلق الباب دونها او تسمح بعزلها، لأن هذا النهج سيقوي منظومة المتنفذين ويزيد من تماسك هذه القوى التي تمتلك السلطة والمال ولا تريد ان تفقد كل شي.
بل أن الأولى بالعزل هي تلك الاصوات المتزمتة المتطرفة، والتي تحاول منع الآخر من أن يكون عضواً نافعاً في مجتمعه بغض النظر عن توجهه الفكري والسياسي. ذلك أن المطالب الإصلاحية هي مطالب شعبية بالدرجة الأولى وتمس كل مواطن يشعر بأن ثروة البلاد قد بددت على يد جماعة قليلة استأثرت بالمال والسلطة.