المنبرالحر

الديمقراطية في كردستان بين الحقيقة والوهم / مازن الحسوني

كشفت الأحداث الأخيرة في كردستان عن حقيقة الفهم الخاص للديمقراطية بالنسبة للأحزاب الكردية وخاصة الحزب الديمقراطي الكردستاني (حدك).
فأذا كانت مرفوضة مسبقًا تصرفات المتظاهرين في السليمانية بحرق مقرات حدك وأعمال العنف الأخرى التي رافقت هذه الاحتجاجات رغم مشروعية المطالب التي رفعها المتظاهرون لكن الاعتداء على مقرات حدك أو أية ممتلكات خاصة وعامة غير مقبولة.
ولكن لماذا تصرف حدك بهكذا طريقة بعد هذه الاحتجاجات، أي طرد رئيس برلمان كردستان ومنعه من دخول أربيل رغم أنه يرأس برلمان كردستان بأجمعها وليس السليمانية فقط، طرد وزراء حركة التغيير من مجلس وزراء كردستان وغلق فضائيات ووسائل إعلام خاصة بهذه الحركة أو مقربة من توجهاتها ؟
أنا لا أريد أن أناقش مواقف حركة التغيير وسياستها لأنني بكل بساطة لا أرى فيها النموذج الأفضل لمستقبل كردستان خاصة شخص رئيسها وتاريخه الغير نظيف في التعامل مع القوي الوطنية الأخرى حيث يعتبر هو المسؤول الأول عن جريمة بشتاشان والتي راح ضحيتها العشرات من المناضلين الشيوعيين والمقاتلين ضد النظام الدكتاتوري وقت وقوع هذه الجريمة.
قبل تحليل هذه التصرفات ولتقريب فهم دوافعها الحقيقة سأورد لكم حادثتين كنت شاهدًا فيهما .
في بداية ثمانينيات القرن الماضي حاولت مجموعة كردية يقودها الشهيد سامي عبد الرحمن المنشق آنذاك عن حدك دخول كردستان لأجل مقارعة النظام من خلال محافظة دهوك وبالتحديد قرب قرية سناط الحدودية. عند سماع حدك لهذه الأخبار أستنفر كل قواته المتواجدة في المنطقة وطلب منها التوجه إلى تلك المنطقة ومنع دخول هذه المجاميع حتى ولو بقوة السلاح. وحدثت أشتباكات بين الطرفين تدخل على أثرها الحزب الشيوعي العراقي وأطراف أخرى لأجل عدم تطور الأحداث والتي أنتهت بخروج هذه المجاميع.
في عام 2000 زرت محافظة دهوك مع زوجتي لأجل اللقاء بالأهل بعد سنوات طويلة من الافتراق ولأجل ذلك كان لا بد من الاتصال تليفونيا بهم وترتيب هذا اللقاء. دخلنا أحد محلات الاتصالات التي أنتشرت أنذاك لتامين هذه الأتصالات وبعد أن أنهينا المكالمة تبادلنا مع صاحب المحل الحديث حول طبيعة الوضع في كردستان الآن بعد سحب النظام الدكتاتوري كل مؤسساته من كردستان. أجابنا صاحب المحل الذي أطمئن بأننا لسنا من كردستان، قال ببساطة نحن فرحون جدًا من خروج النظام من كردستان وهذه قضية لا يمكن مقارنتها بأية سلبيات أخرى حاصلة في كردستان ولكن طبيعة السلوك هي نفسها لمن يحكم كردستان الآن. استغربت جوابه وقلت كيف فقال انظروا إلى الصورة خلفي وكانت لمصطفى البرزاني، لم تعطني سلطة كردستان موافقة لاجازة هذا المحل إلا بعد انتمائي لحدك ووضع هذه الصورة في المحل أي مثلما كان يفعل البعث معنا سابقا.
للأسف أقول إن حدك يتصرف وكأن أربيل ودهوك هي مقاطعة خاصة له لا يقبل لأحد العمل فيها دون موافقته والسير بنفس التوجه الذي يريده بل ازداد الوضع سواء عندما بدأ اختزال حدك بعائلة البرزاني ولهذا لاحظوا من بيده كل المفاصل المهمة في كردستان (مسعود، اخوانه، وزوج ابنته...الخ).
إن من أوليات الديمقراطية لأي حكومة هي الانتخابات الحرة واستقلال السلطات الثلاث وتقبل الآراء المختلفة وعدم التضييق على الحريات والحوار المتبادل مع الأطراف المختلفة عند اختلاف وجهات النظر... الخ.
بعد كل هذا، هل تصرف حدك بمنهج من يحترم الديمقراطية النسبية التي تعيشها كردستان عندما أغلق باب الدخول لأربيل بوجه رئيس برلمانها المنتخب من قبل البرلمان وغيرها من المواقف؟ أم تصرف حسب مفهومة العشائري والعائلي وضرب عرض الحائط بكل الاتفاقات التي وقع عليها مع الأطراف الكردستانية الأخرى.
أذا كان حدك يتصرف مع الجهات الحكومية (وزراء ) والسلطة التشريعية (رئيس البرلمان) بالصورة هذه دون أن ينتظر حكم الجهات القانونية ورأيها بما جرى بالسليمانية , هل حقأ تعيش كردستان في ظل أجواء ديمقراطية حقيقية أم انه وهم وحلم غير قادرحدك على تحويله لحقيقة ؟
ولكن يبقى السؤال الأهم ألان، هل مثل هكذا تصرفات يمكن أن تقنع المواطن الكردستاني بأن مطالبة مسعود البرزاني المتكررة بالأنفصال وبناء الدولة الكردية الديمقراطية والتي هي من حق الشعب الكردي، فعلأ لأجل تحسين وضع المواطن الكردستاني أم لمنافع خاصة؟ الجواب عند المواطن الكردستاني .