المنبرالحر

مراكز لمحو أُميّة السياسيين..! / علي فهد ياسين

ونحن نقترب من ذكرى مرور مائة عام على تأسيس(الدولة العراقية)، حريٌ بنا أن(نفحص)أداء الشعب وأداء السلطات التي حكمته، ارتباطاً بتوجهاتها الفكرية والمناخات السياسية التي كانت تتحكم بالسياسة الدولية، وصولاً الى مستوى أداء الطرفين في هذا الوقت العصيب الذي يتهدد كيان الدولة العراقية أرضاً وشعباً وسلطة!.
الطبيعي أن الشعوب ترنو الى حياة كريمة في أوطانها، مستندة على ثرواتها وطاقات أبنائها وموقعها الجغرافي وعمق تأريخها الحضاري، وقد كانت كل هذه المقومات متوفرة في العراق(أرضاً وشعب) منذُ آلاف السنين وخلال المائة عام الماضية ومازالت الى الآن وستبقى، لكن (العِلّة)العراقية المزمنة تمثلت في القيادات السياسية التي تناوبت على السلطة على مدى تأريخ البلاد!.
الثراء العراقي المتنوع في تفاصيله، على مستوى العرقيات والأديان والثروات والتأريخ الانساني والموقع الجغرافي الفريد، أثمر تراثاً باهراً في العلاقات الانسانية الراقية للشعب، وقَدّمَ ملاحماً في الوحدة الوطنية العابرة للأختلاف وتفرعاته المتنوعة، أدهشت المفكرين الانسانيين على مدى تأريخه، لكنها أستفزت القوى المعادية للانسانية ودعتها الى الاشتغال ضده بقوة لتدمير البنيان الاجتماعي والوطني وصولاً للخراب الذي نعيشه اليوم.
هذه القوى التدميرية لا تتعامل مع شعب العراق كأفراد أو كتلة بشرية، انما تتعامل مع القيادات السياسية التي تحكم العراق، وقد كان لها عبر تأريخ الدولة العراقية مواقف ونشاطات تسببت بمآسي للعراقيين، بدءاً من تنصيب الملوك على الشعب العراقي من غير العراقيين بعد الحرب العالمية الأولى، ومروراً باغتيال ثورة تموز في الثامن من شباط الأسود عام 1963،الذي فتح الباب مشرعاً للدكتاتورية البعثية المقيتة وما تسببت به من دمار غير مسبوق، وأنتهاءاً بالفوضى العارمة التي يعيشها الشعب العراقي منذٌ 2003،بعد أعتماد منهج الطائفية السياسية في ادارة البلاد بعد الاحتلال الامريكي المبرقع بلباس الديمقراطية.
المتعارف للقاصي والداني أن الأُمية هي عدم القدرة على القراءة والكتابة، وهي بالمطلق اشارة الى شريحة شعبية لم تسمح لها ظروف الحياة بالانتظام في المدارس، لكنها في عراق اليوم لم تعد مقتصرة على هذا التعريف العالمي لعنوانها، لأن شعبنا مُبتلى بأمية من نوعِ خاص قد لا تكون متوفرة في باقي البلدان، هي أُمية السياسيين(المنتخبين) في دورات متلاحقة منذُ سقوط الدكتاتورية، هؤلاء الذين أضاعوا بوصلة الضمير الوطني والأنساني خدمةً لمصالحهم الشخصية والحزبية على حساب مصالح الشعب.
من هنا نحتاج الى مراكز نوعية لمحو أُميّة السياسيين، لأنها أهم بكثير من مراكز محو الأُمية التقليدية التي ينتظم فيها أبناء الشعب، الذين أنتخبوا هؤلاء الأُميين بواجباتهم تجاه ناخبيهم واتجاه شعبهم واتجاه العراق، عسى أن يكون أنتظامهم فيها مفيداً لهم ولأحزابهم ولكتلهم السياسية، كي يصححوا مناهجهم في ادارة الدولة من أجل غدٍ أفضل للعراقيين!.