المنبرالحر

نِذر جبار الأعمى / ابراهيم الخياط

د.حيدر جواد العبادي، هو رئيس وزراء العراق. كان وزيرا للاتصالات في حكومة د.إياد علاوي، ورئيسا للجنة المالية في البرلمان. من سكنة الكرادة الشرقية، نال عام 1975 البكالوريوس في الهندسة الكهربائية من الجامعة التكنولوجية، ثم قصد بريطانيا لينال الماجستير فالدكتوراه في تخصصه ذاته، وبقي في لندن حتى 2003.
قطف عام 2014 رئاسة مجلس الوزراء مرشحا من التحالف الوطني بعد أن رفضت القوى السياسية المتنفذة ولاية المالكي الثالثة، وحصل على تأييد سياسي داخلي وإقليمي ودولي كبير. ثم حصد تأييدا شعبيا منقطع النظير غداة التظاهرات الشعبية العارمة التي اجتاحت بغداد والمحافظات في 31 تموز الماضي والتي مازالت مستمرة، ولكن التأييد للسيد العبادي لم يعد منقطع النظير بل أصبح أقل من التأييد لنظرائه حتى.
لقد جاءه التأييد بعد أن أحرج الجميع بورقة إصلاحات أخرست حتى البرلمان «الثرثار»، وأطاح بمناصب لصفّ طويل من كبار المتنفذين، وإمعانا في تأييده فقد خرجت تظاهرة مساء يوم أحد لمباركة ورقته وخطوته، فالناس لم تستطع أن تنتظر إلى الجمعة لبث فرحتها وتأييدها. ولكن جرت الرياح على غير ما تشتهي سفينة السيد العبادي، عندما شعرت الناس أن الخطوات الإصلاحية تتعثر، وان ترددا قد تسرّب إلى حملة محاسبة الفاسدين الكبار وإقصائهم، وان تخبطا في الإجراءات قد حصل، حتى شبّت نار أزمة الرواتب فاشتعلت الكليات والمعاهد والدوائر وعمّ الاستهجان والتذمر فالرفض الواسع ما أدى بمكتب السيد العبادي أن يشيع خبرا مفاده أن ثمة مراجعة للقرار المتعجل.
ان المكتب قد ظنّ أن أهلنا فاقدو البصر، غير عارف أن التظاهرات قد أرجعت النور والماء واللون الى عيون أبناء شعبنا كافة، وصار الشعب يرى كلّ شيء مثل جبار الأعمى.
فعلى ذمة الصديق الخالصي اللبيب، أن امرأة كانت تسكن منطقة الفضوة تدعى خالة نورية، وفي أحد الأيام نوت أن تستحم، وقديما كان الحمام عبارة عن طشت يوضع في ركن الحوش وبجنبه يشخص «بريمز» عليه قِدر ماء يفور. لكنها كلما كانت تنزع فإذا بالباب يُطرق فتلبس خالة نورية دشداشتها وتفتح الباب، وتلبي طلب الطارق. فمرة أتتها جارتها تطلب رغيف خبز وبعدها أتى الحمال بما أرسله زوجها من السوق، ثم جاء أطفال الجيران ليستردوا «طوبتهم» التي نطت إلى الحوش.
وجزعت الخالة نورية حقا وهي تنزع ثوبها وترتديه مع كل طرقة على الباب. وهذه المرة أيضا نزعت وهمّت أن تسبح فإذا بالباب يطرق، فصاحت بعصبية: منو؟، ليأتيها الجواب: آني جبار الأعمى. فقالت الخالة مع نفسها: ايييييه هذا أعمى ما يشوف، خل افتحله الباب وما ألبس، ففتحت الباب وسألته: كول عيني جبار، أجابها: هاي خيرات مال نذر، فقالت مستفسرة: نذر مال شنو؟، أجابها مبتسما: مو رجع النظر لعيوني!.