المنبرالحر

تغيير ديموغرافي / قيس قاسم العجرش

مدهش جداً الشبه بين تنظيم داعش وطريقة تفكير نظام صدام الدكتاتوري.
حين يئِس صدام من قمع الحركة في كردستان العراق، لجأ الى التغيير الديموغرافي في كركوك تحديداً بعد عام 1990. وتمكّن من جلب عوائل عراقية من الجنوب لتعيش في كركوك على مساحات فارغة من الأرض بالحقيقة كانت عبارة عن منازل وأراض لعوائل كردية تم تسويتها وتهجّير من فيها الى مختلف الاماكن.
القضية بقيت مُشكلة حتى بعد زوال النظام الدكتاتوري وبقيت المُطالبات والمزايدات مستمرّة، هذا الطرف يدّعي دفاعه عن حقوق هؤلاء وذلك الطرف يفعل نفس الشيء دفاعاً عن حقوق آخرين وتتواصل المُشكلة وتعقيداتها رغم الحلّ الموصوف في الدستور.
هذا لا يعني أن المشكلة بقيت عالقة، لكنها في طريقها الى الحل عبر المسار الصعب، وهو مسار الزمن.
الآن تنظيم داعش يفعل ذات الشيء في الموصل.
بدأ في ايامه الأولى وهو يغتصب المدينة بإعطاء اشارات اطمئنان لعدد من السكان البسطاء وجعلهم يثقون بأن البقاء في منازلهم أكثر أمناً لهم من الرحيل الى المجهول والى أماكن أخرى قد لا ترحّب بهم أو تجعلهم موضع اتهام. وحين مَرّت الأيام(انقضت الآن سنة ونصف على غيبوبة الموصل في جُبّ داعش) وسّع التنظيم الارهابي خططه المقتبسة من صدّام وبدأ بجلب كتل سكانية من خارج العراق أصلاً.
أفراد وعائلات من قوميات تعود الى أواسط آسيا وشرقها خدعهم التنظيم بادعائه تمثيل الاسلام وجعلهم ينخرطون في هجرة سكانية (مازالت في بداياتها) هدفها خلق (شعب) لداعش!. وأسكنهم في منازل أهل الموصل المُهجّرين والنازحين.
لنتذكر أن السياسة في بعض الدول لا تستنكف عن استخدام أكثر الطرق خسّة من أجل تحقيق مصالحها. ورأينا بأعيننا كيف ان 3000 شخص من أفراد منظمة خلق الايرانية صاروا مشكلة عراقية مستعصية بعد سقوط نظام صدام، استغلتها جميع الاطراف الدولية دون تعفف أو ترفّع.
لو جرى تحرير الموصل بعد سنة من اليوم، فان داعش ستختفي من المدينة، لكنها ستترك ورائها مشكلة سكانية يمثلها هؤلاء القادمون (للجهاد) في منازل مُغتصبة، وليس بعيداً أن يتحولوا الى مشكلة مشابهة لما شكلته منظّمة خلق!..وسيخرج علينا من يدعو الى التعامل بالحسنى معهم بحجة انهم (عائلات بريئة)! تم خداعها.
نعم ..كل شيء متوقع...
وماذا لو استمر احتلال الموصل اكثر من سنة أخرى ؟
المشكلة ستكون أكبر حينها. ومرّة ثانية ..كل شيء متوقع.