المنبرالحر

ثقافة جديدة / د. خليل محمد إبراهيم

من مشكلات العراق الحبيب الأساسية؛ هجرة أبنائه.
وحين نبدأ البحث في هجرتهم، أو تهجيرهم بعد الإسلام، نلحظ تهجير (الوليد بن عقبة)، لمعارضيه من أهل الكوفة، تلا ذلك تهجير (زياد بن أبيه) خمسين ألفا من اهل الكوفة إلى بلاد فارس، بعد تنازل (الحسن) (ع). واستمرّت عمليات التهجير، حتى أن في المغرب العربي الأقصى حارة تسمى حارة (الحفيانين)؛ نزل فيها عراقيون مهجرون؛ وصلوها حفاة.
ثم ها هي ذي العوائل العراقية تبرز في كل بلد من بلدان العالم العربي، أو غيره. فهاهم آل (العراقي) في المغرب العربي الأقصى؛ يصير منهم رئيس للوزراء هو الأستاذ (عز الدين العراقي) الذي صار- فيما بعد - رئيسا للمؤتمر الإسلامي، وها هو ذا المرحوم (عبد اللطيف البغدادي) عضو مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 52، وها هو الأستاذ (عراقجي)؛ مسؤول إيراني كبير، وها هي (بغداد) تظهر هنا وهناك، في مختلف بلدان العالم، حتى أن البلدة التي وُلِد فيها (ستالين) تنسب إلى (بغداد)، وتُسمّى بـ (البغدادي)؛ هذا كله دليل على معاناة العراقيين للهجرة?ومنها.
في العصر الحديث هجَّرت الحكومات الملكية الآثوريين، واليهود، وأسقطت الجنسية العراقية عن مجموعة من الوطنيين، بل إن عدم خلق بريطانيا ومَن عمل في خدمتها على تأسيس تبعية عراقية؛ مهَّد لما فعله (صدام) الظالم؛ حين هجَّرت زبانيته الكثير من العراقيين في السبعينيات.
وطبيعي أن بعض العراقيين كرهوا البقاء في بيئة يحكمها خصومهم السياسيون، فخرجوا رسميا، أو عن طريق الهروب، بحسب الظروف والأوضاع. لكن، لم تصبح الهجرة ثقافة. فحتى العام الماضي/ وحين غرقت (بغداد) بمياه الأمطار\ كان الأطفال يلعبون بالمياه وكأنهم في أحد مرائب (بغداد)/ كراجاتها\ يُنادون:- (بياع)، (دورة)، (باب الشرجي)، (باب المعظم)...الخ
أما في هذه المطرة، فقد ظهرت ثقافة جديدة؛ راح الأطفال يلعبون بالماء وهُم يُنادون: "(بلجيكا) نفر واحد طالع"، "نحن المهربجية"، وقد انتبهت إحدى الفضائيات إلى هذا، بحيث نادى مراسلها:- "ألمانيا"؛ ترى هل تنتبه الدولة؛ إلى هذا؟!
وهل ينتبه علماء النفس والاجتماع والتربية إلى هذا؟!
وهل يتخذون الإجراءات المناسبة، لتغيير هذه الثقافة؟ أم يُصرّون على تعميمها، وتعميقها في أذهان أبناء البلاد؟!
سؤال ستُجيب عنه الأيام، والأعوام القادمة، لكنني أرى أنها ستُجيب عنه إجابة سلبية، بفضل ما هو موجود،- وما هو متوقع قريب؛ من قيادات دينية؛ رفضت الدنيا، وخسرت الآخرة، فخسر الناس/ بفضلها\ الدنيا والآخرة.
ألا هل بلغت؟!
اللهم فاشهد.