المنبرالحر

القضاء على المحك !/ محمد عبد الرحمن

لا احد من العراقيين يجادل الان في وجود الفساد ، بمن فيهم الكتل المتنفذة التي ادارت شؤون البلاد منذ التغيير حتى يومنا هذا . بل ان الكل الان يعلن حربه الشعواء على الفساد. واختلط الامر على البعض في الاقل ، فيما آخرون كثيرون كانت الصورة عندهم واضحة وغير مضببة، تفيد بان الفساد غدا منظومة متكاملة ، وان حلف الفساد «ابدع» اساليب متناهية في الدقة والخبث والدهاء للتمويه والتغطية على جرائمه ، وهو يجمع طائفة واسعة من السياسيين ، في السلطة وخارجها ، ومن كبار مافيات الاسواق والمصارف ، والمقاولين الفاسدين ، وبيروقراطية مؤسسات الدولة ، وحديثي النعمة ، ومن اصحاب بعض الفضائيات ورجالاتها .
واذا كان البعض لا يصدق ويبحث عن البراهين ، فلا اكثر منها اليوم! بل انها كانت كثيرة في السابق ايضا ، ولكن من بيده الامر والنهي ورقاب العباد ، كان يريد من ملفاتها شيئا اخر ، يريدها اداة للابتزاز وشراء الذمم واطالة مدة بقائه على كرسي السلطة ، كي يكمل الاجهاز على ما تبقى في عراقنا الجريح والمنكوب .
الكل رفع راية مكافحة الفساد ، ويعلن براءته وبطانته من موبقاته وشروره، ويقسم باغلظ الايمان بان ما يملكه الان من قصور واموال وودائع ومشاريع ومصارف وفضائيات ، في غرب الدنيا وشرقها وصولا الى ابعد القارات، هو من عرق جبينه ومن راتبه الحلال المزكى والمخمس ، وان ما يشاع عنه ما هو الا حسد عيشه !
للحظة واحدة دعونا نصدق انكم ابرياء من تهم الفساد ، ونحن شديدو التمسك بالقاعدة القانونية التي تقول بان المتهم بريء حتى تثبت ادانته. ودعونا نصدقكم هذه المرة ، وقد قبلنا ذلك ، لكن شرطنا الوحيد ان تقولوا لنا: من هم الفاسدون ان لم تكونوا انتم ؟ واين هم اذن ، ومن يتستر عليهم ؟ واين اختفت مليارات الدولارات ، ومن يواصل تهريبها في لعبة غسيل الاموال المفضحوة وعباءة الاستيراد ، وغيرها من الجرائم .
ايها الفاسدون، لقد خسرتم الرهان ، و»طلعت ريحتكم « عفنة تسد المجاري التنفسية ، قبل تلاحمها المصيري مع روائح مجاري الصرف التي اهدرت عليها الملايين من الدولارات من دون فائدة ترجى ، وها هي قد اختبرت لمرات عدة اخرها قبل ايام .
لمن يبحث عن الوثائق والادلة الدامغة نقول انها توفرت الان ، بل واصبحت في حوزة القضاء عسى ان يحرك ساكنا هذه المرة ، وان يتمتع بشفافية عالية ، ويعلن اسماء المسؤولين عن اختفاء المليارات من اموال الشعب الذي تمتد ايادي حكامه الان الى الصناديق الدولية الممولة، عسى ان تحصل منها على النزر القليل وفقا لشروط اقلها الاشراف والمتابعة، والويل كل الويل لمن يجرؤ على الحديث عن دعم يقدم للشعب المسكين .
القضاء امام امتحان الان ، اكثر من اي وقت مضى ، فعليه سريعا البت بالملفات التي اصبحت بحوزته ، والتي اكدها البنك المركزي العراقي ، وعليه في ذات الوقت ان يطلب الملفات الاخرى التى تاجر وهدد بها البعض ولما يزل ! بل يتوجب ان يساءل عن سبب تستره طول هذه المدة ، وهي ملفات اموال عامة ، وليست ملكا خاصا يتصرف به كما يشاء .