المنبرالحر

يوميات القبطان / د.محمود القبطان

من بغداد ومنذ اكثر من اربعة اسابيع احاول ان ارى الى أين تسير بغداد وباقي المحافظات في ظل الانفلات الامني وفقدان معظم الخدمات وتفشي الفساد المالي والاداري اضافة الى تفشي البطالة لاسيما بين الشباب. وبينما تتقدم القوات الامنية في مناطق استولى عليها داعش الارهابي وتسجل انتصاراتها مع باقي الفصائل في مناطق مختلفة نرى إن الطبقة السياسية ملتهية في خلافات سلطوية لا تمت بصلة الى ما يدور في مناطق العمليات العسكرية والقضاء على الفساد والنظر بجدية الى ما تُطالب به الجماهير المتظاهرة في ايام الجمع ومنذ اسابيع عدة والتي تتمحور حول كشف الفاسدين وتوفير الخدمات واصلاح القضاء والذي تحوم حوله شبهات عدم النزاهة والرضوخ لابتزازات سياسية من قبل متنفذين في السلطة اضافة الى تباطؤ أو الاصح توقف الاصلاحات التي وعد بها السيد العبادي بالرغم من بيانه الأخير في 12 ت2.
1:تظاهرات البصرة مستمرة، طبعا مثل باقي المحافظات المنتفضة، وبالرغم من الاعداد المتناقصة من قبل الجماهير لكنها حتما سوف تؤدي الى التعجيل في فرض الاصلاحات. والامر الملفت للنظر شاهدت ومن خلال مشاركتي في التظاهرات هناك ان اشترك موظفي الرقابة المالية فيها ولمرة واحدة ولأول مرة والمطالبة برفع التجاوز على رواتبهم ومن قبلهم بيوم تظاهر الاستاذة وموظفي الجامعة بسبب تخفيض مخصصاتهم ولكن المفلت للنظر انهم لم يتظاهروا ضد الفساد في السلطات القضائية والتنفيذية اداريا وماليا وتفاقم ازمة البطالة المتفشية ولم يتظاهروا ضد مهزلة الخدمات التي تقدمها الشركة الكويتية والتي مدة عقدها يصل الى 3 اعوام ولم يجلبوا الآليات المتفق عليها لتنظيف المدينة والمملوءة بغبار أقرب الى العواصف الترابية ونقل النفايات بأكثر الطرق تخلفا وصولا الى تهريب الاموال من خزينة الدولة التي وصلت الى 45 مليار دولار مع علمهم بشخصيات متنفذة من السياسيين الذين هم وراء تهريب الاموال عبر بنوك وصفقات وهمية.
2:أمس 13/ت2 التحمت حناجر المتظاهرين قرب ساحة الحرية في الكرادة خارج لتطالب بوضع حد للفساد ومحاسبة الفاسدين واصلاح النظام ككل والقضاء في المقدمة في ظل تحشيد فاق التوقعات للقوات الامنية مدججة بالسلاح وفي نفس الوقت كانت القوات الامنية قد احتلت منطقة الكرادة داخل و/الخارج منذ الساعات الاولى من الصباح. وبالرغم من العدد القليل للمتظاهرين في البداية والذي تصاعد العدد الى بضعة مئات وبعد ساعة اتخذ مسئولي التظاهرة قرار بالسير الى ساحة التحرير عبر الكرادة داخل وصولا الى ساحة التحرير .وبعد قرابة ساعتين وصلت المظاهرة الى ساحة التحرير والتحمت بالتظاهرة هناك حيث استقبلوا من قبل اخوتهم في الساحة. في كل المسيرة بعض الهتافات كانت: يا مواطن ياشريف ليش واگف على الرصيف ،خبز..حرية...دولة مدنية ...إحنا المدنية وغيرها من الشعارات الوطنية وبين فترة واخرى كان المتظاهرون ينشدون النشيد الوطني: موطني..موطني..وفي الاخير قال احد المنسّقين في الجمعة القادمة نلتقي وفي كل جمعة: جمعة ورا جمعة.
3:لا يوجد مكان لمراجعة المواطن في العراق، وبغداد تحديدا، بدون رشوة لاكمال اية معاملة لاسيما في الضريبة والعقار وفي البلديات وفي البنوك، أما الشركة اللبنانية لتنظيف بغداد فهي في النهاية لها عقد طويل ولا تختلف عن الشركة الكويتية في البصرة حيث العمال البنغاليين هم من "ينظفون" المدينة بطريقة الاكثر تخلفا في العالم وقد نشرت حول هذا الكثير من الصور على التواصل الاجتماعي الفيس بووك سواء من البصرة أو بغداد. والمضحك المبكي انه ليس هناك اي إجراء لمحاسبة هذه الشركات والتي ربما هي لها صلة بأحد السياسيين المتنفذين للكسب والاثراء على حساب الشعب والدولة.
الى أين يسير العراق في ظل هذا التدهور الامني والاقتصادي والسياسي؟ هذا ما سوف تجيب عليه تظاهرات الجمع المتتالية والتالية ومشاركة فعالة من قبل الجماهير عبر ضغطها المتواصل على الحكومة من اجل اصلاح النظام وكشف الفاسدين وتقديمهم الى القضاء بعد تنظيف الأخير من الفاسدين ايضا وانه حتما ليوم قريب.