المنبرالحر

فنه اللي يسكّت صوت الشعب / محمد علي محيي الدين

في تاريخ الصحافة الشيوعية محطات رائعة تستحق التوقف عندها والإشارة إليها، فقد مرت صحافتنا بمد وجزر منذ صدور أول صحيفة شيوعية، وظروف الحزب تتحكم بانتظام صدروها عندما كانت سرية تطبع على الورق الأسمر وبوسائل طباعة بدائية (طابعة- رونيو) وأحيانا تكتب باليد حيث يكلف الرفاق في المنظمات المختلفة استنساخها على ورق (الرايز) وبأقلام (القوبيا) و(الكاربون) وكانت الجماهير تتلقفها لتطلع على ما فيها من تحليلات للوضع السياسي أو معاناة الكادحين أو أخبار التظاهرات والاعتصامات والإضرابات وما الى ذلك من نشاطات، وطالما كبست البيوت الحزبية واستولت السلطة على أدوات الطباعة معتقدة إنها خنقت الصوت الشيوعي، ولكن سرعان ما تعاود الصدور لوجود الاحتياط اللازم في كل زمان.
في العهد الملكي تمكنت مديرية التحقيقات الجنائية من كبس المطبعة الحزبية واستولت على أدوات الطباعة وقرت أعين الحاكمين ولكن المفاجئ أن وزير الداخلية وجد في اليوم التالي على منضدته بيانا للحزب، وآخر في البلاط الملكي، وتبين بعد انحسار النظام البائد أن احد العاملين في البلاط قام بطباعة البيان في طابعة البلاط لأنه كان شيوعيا يعمل هناك.
وبعد انقلاب شباط الفاشي عام 1963، واعتقال قيادات الحزب وكشف أوكاره السرية، فوجئ أهالي الديوانية ببيان الحزب يملأ جدران المدينة وتبين أن الشباب الشيوعي ومنهم الشاعر الفقيد علي الشباني قد سرقوا طابعة المدرسة وطبعوا بيانا فيها وأعادوها الى مكانها لأنهم ليسوا سراقا أو لصوصا.
صرخ سوادي: «على كيفك صارلك ساعة تسولف چا أشخليت النه لو صارت بس الكم الأفندية، بويه رفيقي أغاتي بعد عيني بوره انقلاب ثلاثة وستين ما ظلت لا مطبعة ولا وكر وصارت بيوت ألفقره ملفه للشاردين وچانت عدنه بالحلة مطبعة مضمومة يم المرحوم كاظم الجاسم جابها شايلها على متنه، ومشه دروب ما ماشيها بشر ووصلها البغداد وسلمها للحزب، وأحنه معلمين عالعوز والفكر وإذا جريدتنه ما كدرنه نطبعها بثمن صفحات نطبعها بوحدة وإذا ما گدرنه نكتبها بدينه، لكن وعيون كل شريف تبقه الجريدة إذا بقى شيوعي واحد ولا تصدگ واحد يگدر يوگف دجله والفرات تراهن يجرن ويظلن يجرن وما يكعهن لا سد ولا حد وهسه يشوفون اللي يراهنون تالي يخسرون الرهان ويبقه صوتنه عالي عالي».