المنبرالحر

مامش بالعرب خيّر بس خضير الكَصيّر / قاسم السنجري

احاديث كثيرة تتناقلها مصادر مطلعة، تنبئ عن مساع لتشكيل جبهة برلمانية تضم أكثر من 200 نائب يمثلون الدعامة الأساسية للإصلاح، وكبح جماح معرقلي العملية الإصلاحية للسيد رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي.
هذه الأنباء مفرحة إلى حد كبير حين يكون تحت قبة البرلمان اكثر من 200 نائب يقفون بوجه من يحاول أن يوقف عجلة الإصلاح عن الدوران. ولكن ما يحزن في هذه الأنباء أن هؤلاء النواب هم من كتل تتحكم بأصواتهم وتصويتهم، وليس غريباً أن نقول أن أغلب هؤلاء النواب هم من شريحة "موافج يمحفوظ"، ولا رأياً مستقلاً لأي أحد منهم بخلاف ما يراه زعيمه السياسي ورئيس كتلته البرلمانية.
هؤلاء النواب هم نتاج المحاصصة والولاءات الحزبية، ومن قوى سياسية ينسب إليها فاسدون كثيرون، وما تزال هذه القوى تجتهد بالدفاع عمّن ينتمي إليها وتساوم على بقائه بعيداً عن سطوة القضاء. فكيف يمكن لقوى ان تتحد ضد نفسها وتجتمع لإصلاح ما افسدوه هم، ان هذا الأمر أشبه ما يكون بإيهام الناس وابعاد الشبهات من خلال تشكيلات لن تقدم لعملية الإصلاح سوى المزيد من عرقلة الإجراءات والقرارات والقوانين التي يمكن لها أن تعيد الدولة إلى مسارها الطبيعي بعيداً عن الفساد الإداري والمالي.
هل يمكن ان يقف هؤلاء الـ200 نائباً حقاً ضد مايراه زعيمهم السياسي وضد مصالح احزابهم؟ واذا كان هؤلاء النواب من الصالحين فهل يعني ان ما تبقى من اعضاء مجلس النواب يمثلون بذرة الشر والسد المنيع للدفاع عن المفسدين؟ ولماذا لا يقوم زعماء الكتل الخيّرة بإلغاء عضوية هؤلاء ليخلصوا الدولة من المدافعين عن حيتان الفساد؟ واذا كان هؤلاء الخيرون المائتين من كتل بيضاء لا فاسد فيها فمن هم حيتان الفساد؟ ان ما تقوم به القوى السياسية النافذة هو محاولة لخلط الاوراق من خلال تصريحات تقطر دموعاً من شدة الحزن على ما آل إليه مصير البلاد نتيجة الفساد وضياع أمواله. غير أن هذه التصريحات والدموع كدموع التماسيح لن تعيد مئات المليارات من الدولارات ولن تسهم باستعادة ولو نصف ما ضاع من أموال البلاد. ولعلهم يسعون لتشكيل جبهة برلمانية تضع شروطاً جديدة للعبة السياسية فيها ضمانات تزيد الحماية لكياناتهم المالية والحفاظ على نفوذهم الذي اصبح على المحك بعد الاحتجاجات الجماهيرية التي كشفت زيف الادعاءات والتصريحات التي تلوكها افواه السياسيين من اكثر من عقد من الزمان.
ايها المواطن الكريم عليك ان تصدق الاهزوجة الشعبية التي ذهبت مثلاً "مامش بالعرب خيّر بس خضير الكَصير"، لأن من سرقوك لن يعيدوا طواعيةً ما سرقوه ولن تستعيد ما تمت سرقته منك إلّا اذا واصلت احتجاجاتك وكشفت زيفهم وكذبهم.