المنبرالحر

لا لضرب التلاميذ.. نعم لتربيتهم وتعليمهم / محمد موزان الجعيفري

كما هو معروف ان العنف مع التلاميذ لا يؤدي الى نمو التفكير والابداع عندهم، والعنف لا يؤدي في افضل نتائجه الا الى عملية استظهار بعض النصوص والافكار والمعارف. إن القدرة على التفكير لا تنمو إلا في مناخ الحرية، والتفكير وهما امران لا ينفصلان، واذا كانت العقوبة تساعد على زيادة التحصيل فان الامر يتعدى كونه امراً وقتياً وعابراً وسوف يكون على حساب التكامل الشخصي والدراسات التربوية الحديثة تؤكد بان الاطفال الذين يحققون نجاحاً وتفوقاً في دراستهم هم الاطفال الذين ينتمون الى اسر تسودها المحبة والاجواء الديمقراطية، والعملية التربوية ليست تلقي المعلومات والمناهج بل انها عملية متكاملة تسعى الى تحقيق النمو والازدهار والتكامل.
ان هذه الظاهرة هي ظاهرة اجتماعية مرهونة بمستوى تغيير الظروف الاجتماعية والاقتصادية في كل مجتمع ولن يتاح لنا خلال رسم بعض الافكار ان تؤثر كثيراً في هذه الظاهرة، ان نظامنا التربوي على المستوى الرسمي (الوزارات- المؤسسات التعليمية) تبنى احدث النظريات التربوية التي تمنع استخدام العنف والضرب في المدارس ومع ذلك الظاهرة مستمرة وهذا يعود لاسباب اجتماعية تتعلق بالذهنية الاجتماعية والظروف الاجتماعية السائدة ويمكن ان نحدد بعض النقاط الاساسية في معالجة هذه الظاهرة:-
1. تنمية وتطوير الوعي التربوي على مستوى الاسرة والمدرسة، ويتم ذلك من خلال وسائل الاعلام المختلفة ومن خلال اخضاع المعلمين والآباء لدورات تنويرية وعلمية، بشأن افضل السبل في تربية الاطفال ومعاملتهم.
2. تحقيق الاتصال الدائم بين المدرسة والاسرة واقامة دورات تربوية خاصة بكيفية تنشئة الاطفال ومعالجة مشكلاتهم.
3. تعزيز ودعم نظام الارشاد التربوي المعمول به في مدارسنا كافة، وتدريب المرشدين التربويين على احدث وسائل الارشاد والتوجيه التربوي من اجل رعاية التلاميذ وحمايتهم واعانتهم على حل مشكلاتهم وتجاوز الصعوبات التي قد تواجههم.
4. ربط المدارس بمراكز الخدمة الاجتماعية والنفسية التي تحتوي على عدد من الاختصاصيين في مجال علم النفس والصحة النفسية حتى تتم مساعدة التلاميذ الذين يعانون من صعوبات كبيرة في تكيفهم المدرسي، وحل المشكلات السلوكية والنفسية التي يعجز المرشد التربوي والادارة المدرسية عن ايجاد الحلول لها، أي تكون مرجعية تربوية لكل محافظة او مدينة. لهذا يتطلب من جميع الجهات التربوية والاعلامية التصدي لظاهرة العنف مع التلاميذ، ونعمل جميعاً في آن واحد لنساهم في تعديل الاتجاهات الذهنية الاجتماعية والموروث الاجتماعي والفكري السائد لدى بعض الآباء والامهات والمعلمين ايضاً واشاعة روح التسامح والمحبة والاحتضان والهدوء في التعامل مع التلاميذ.
هناك سؤال مهم نتركه مفتوحاً:
من يحمي؟ وكيف نحمي الاطفال من عنف الآباء والامهات؟!
من يعاقب وكيف يعاقب المعلم الذي يحمل (عصا غليظة او سلكاً كهربائياً) كوسيلة وحيدة للتربية وفرض النظام قسراً مما يلحق الاذى بجسد التلاميذ، ناهيك عن الاذى المعنوي والاحباط الذي يحدث جروحاً عميقة في شخصية التلاميذ فنشوه العلم والمعلم وقد ثبت علمياً وتربوياً ان الضرب لا ينفع التلاميذ في حفظ المواد والمعرفة، بل يعقـّد التلميذ ويكرهه بالمدرسة، ويولد عنده رد فعل عدوانياً. بينما احترام التلميذ وتشجيعه يؤدي الى تربية نزيهة حسنة وتأثير ذلك على درجة استيعابه للمواد الدراسية. انها دعوة لكل الآباء والامهات والمعلمين، بان يبتعدوا عن اسلوب ضرب ابنائهم بسبب تقصيرهم الدراسي في دروسهم لان ذلك من شانه ان يكسر نفسياتهم، بالتالي يؤثر على نتائجهم الدراسية واتباع اسلوب التشجيع والحوافز الذي ينقذهم من مشكلاتهم، ويطور شخصياتهم في المدرسة والبيت.