المنبرالحر

الثروة المهدورة / عاصي دالي

من المعلوم أن الماء هو شريان الحياة، وهو الركيزة الأساسية الأولى التي تقوم عليها التنمية الشاملة لأي بلد، وان المحافظة على المياه وتنمية مواردها كانت ولا تزال هدفا رئيسا من أهداف الحكومات الرشيدة في العالم، التي تبذل قصارى جهودها للارتقاء بمستوى مواردها المائية، وتبتكر كل الأساليب التي تضمن نمو هذه الموارد واستمرارها، وكذلك تقوم ببناء السدود للاستفادة القصوى من مياه الأمطار، ولدعم المياه الجوفية واستخدامها للأغراض الزراعية، فضلا عن ذلك فأن الكثير من الدول لا توجد فيها انهار جارية، لكنها تستفيد من مياه الأم?ار في زراعة أنواع كثيرة من المحاصيل الإستراتيجية أو غيرها.
لكن للأسف الشديد يقف المسؤولون في بلدنا العراق، عاجزين أمام تساقط الأمطار وتدفق السيول، وكأنهم قد فوجئوا بذلك، وكأن بغداد وبقية المحافظات لم تغرق في كل موسم أمطار، فنرى اليوم جميع أوجه الحياة في العاصمة متعطلة والشوارع وبيوت المواطنين غارقة في المياه.
فيما تجرف السيول القادمة من المرتفعات الجبلية، مزارع الفلاحين في محافظة واسط، وتؤدي الى نفوق الآلاف من حيواناتهم، وهنا تتحول مياه الأمطار إلى عامل تخريب وهدم بدلا من الاستفادة منها، وكل ذلك بسبب الفساد المالي والإداري وعدم الشعور بالمسؤولية، والاكتفاء بتبريرات ليس لها وجود على ارض الواقع، أمثال الصخرة الثقيلة التي تدحرجت في أنبوب المجاري، وأدت إلى غرق بغداد وضواحيهاّ أو ان هناك بعض البيوت المتجاوزة على طريق مشروع مهم وكبير لتصريف المياه، حالت دون تفعيل المشروع وإنقاذ بغداد من الغرق. كمشروع «خط الخنساء»، ال?ي بحسب ادعاء أمانة العاصمة، بأنها لم تتمكن، هي والدولة بكل قواها، من ازاحة البيوت المتجاوزة أو نقلها إلى مكان آخر!
ويتساءل المواطنون المتجاوزون على الأرض المقرر إقامة المشروع عليها، هل من الصعب منحهم قطعة أرض من أراضي العراق الواسعة، والتي وزع الكثير منها أيام الانتخابات، لينتقلوا إليها، ويجري استكمال المشروع؟!
في كل بلدان العالم يقوم المسؤولون بالتخطيط وفقاً للدراسات العلمية في استكشاف المستقبل، وإعداد المشاريع وتنفيذها على أساس علمي ودقيق. فاليوم توقعات الأنواء الجوية تحسب بدقة كبيرة، وهي خالية من الأخطاء، إلا بنسبة تكاد لا تذكر. لكن للأسف الشديد نرى الدوائر المختصة في بلدنا تستند إلى العشوائية والارتجال في عملها، وتؤدي الى هدر الثروات العظيمة.