المنبرالحر

من الذي اختارهم؟ّ! / قيس قاسم العجرش

لا يحلم الفاسدُ (مسؤولاً كان أم مُشرّعاً أم سياسياً) بجنّةٍ تقيه أذى الإتهامات والفضائح مثل الجنّة التي تمنحُها الفوضى له.
نصادفُ ونتعايش يومياً مع العشرات من حالاتِ التذمّر التي نسمعها بآذاننا ونراها بأمّ العين تصدر عن جمعٍ كبيرٍ من المواطنين نتيجة ما يصفوه من تدهور سياسي وشيوع للفوضى وانقراضٍ لقوّة القوانين، القوانين التي وُضعت لتُحترم وتنفّذ لا لتـُكسر وتـُهمل.
نعم، فالمواطنُ يتذمّر كل يوم، وتصلُ به طريقة التذمّر والشكوى الى وضع كلّ الطبقة السياسية محلّ التُهمة وتحميلها مسؤولية الإنحدار في الأداء والتآكل في جسد الدولة الذي نشهده. أليست هذه هي الطريقة الشعبية الشائعة في التشكّي؟ ألا تشاهدونها وتعيشونها يومياً؟.
لكن، وللمصادفة، فإن هذه(الشمولية)من جانب المواطن في رمي الجميع بتهمة الإفساد إنما هي ذاتها (جنّة الفوضى)التي تقي الفاسد الحقيقي وتجعله يختفي ويختبئ بمهارة.
هذا التعميم في الإتهام هو نفسه الذي يشكل غطاء ً سميكاً يهرب خلفه المسؤول الفاسد ،ولسان حاله يجعله لا يستحي من تهمة الفساد طالما إنها تهمة مجانية تطلق على الجميع.
باعتقادي إن صاحب القرار الأول في هذه العشوائية والفوضوية هو المواطن نفسه، صاحب الصوت الذي أتى بهؤلاء.
إن التغييرات الكبرى في أحوال الشعوب تستلزم في مرحلة ما، وقفة مراجعةٍ ومحاسبة على مستوى الفرد واعترافاً بعدم صواب وجهة الصوت الانتخابي.
لا بديل عن التغيير عبر الانتخابات. هي الوسيلة الوحيدة المأمونة والمُتاحة والمُمكنة والشرعية والقانونية. هذه الحقيقة يجب هضمها مراراً.
وعليه، لنا أن نقبل بالتذمّر الذي يشيع على ألسنة المواطنين شرط َأن نسألهم على هامش الشتائم التي يوجهونها الى السياسيين: هل انتم مُستعدون للاعتراف بسوء اختياركم السابق؟..هل انتم مقتنعون الآن بتغيير وجهة صوتكم الانتخابي؟...وقبلها، هل انتم مستعدون لترك السؤآل المُسطّح: إن لم ننتخب هؤلاء فمن ننتخب غيرهم!.
هذه المساءلة هي شرط التغيير، بل إنه لا يصح اعتباره تغييراً ما لم نسمع بوضوح نسبةً عاليةً من الناس وهم عازمون على تغيير اختياراتهم الإنتخابية...وان يربطوا سوء الأداء بسوء الإختيار...لأن الساسة المشتومين الملعونين لم يأتوا من تلقاء أنفسهم في النهاية.
ببساطة، إن كان المسؤول مسؤولاً عن أدائه فالمواطن مسؤولٌ مثله عن اختياره...هذه مسؤوليتكم فتحملوها.