المنبرالحر

القسمة على ثلاثة / قيس قاسم العجرش

الوجود العراقي الموحّد مهدد بدرجة غير مسبوقة. هل تبدو هذه الجملة كبيرة للغاية حتى لا نجد لها براهين وأدلة ومصاديق تدعمها؟ أم إنها كبيرة ومهمة الى درجة تسخر من الحلول الصغيرة المتوفرة؟
هل ترون كيف أن الحلول لو خطرت على بالكم ستكون مزدحمة بالأسماء والأحزاب والدول والحدود والقوّات مختلفة المصادر؟.
السكوت عن التدهور والأخطار الحقيقية سيجعل من السهل على أيّ «فـم» أن يخرج ليهدّد ويُعربد وفوق هذا يُوهم الناس بأنّه» تمكّن» من الرد الحاسم بالتهديد في وقت تعجز الحكومة عن الإتيان بمثل ما أتى صاحب الحماقة من الردود.
والزعيق في النهاية لا يكلّف شيئاً.
الحكومة ليست فرداً أو عائلة حتى نتهم الرأس فيها بالتقصير بينما نعفي الأطراف. والشيء ذاته ينطبق على البرلمان السارح في دنيا الكُتل وضياع الميزانيات ومعها زوال الفرص» الاستثمارية» التي بيعت بالأصل قبل ان يكتشف العشّارون أن لا أموال في بيت المال.
أليس من المضحك حقيقة ان نسمع نوّاباً لأحزابٍ عجزت عن محاسبة مسؤول واحد عن الفساد البيّن، لكنها تهدد باستهداف المصالح التركية مثلاً!..ألم يكن من الأجدى دعم موقف الحكومة والخروج بوقفة موحّدة تحترم الدستور والقانون كي لا يظهر العراق بمظهر» حايط نصيّص» أمام الجميع؟.
هل حاسبت هذه الكتل قادتها وهم يسعَون في مشارق الارض ومغاربها الى ترسيخ فكرة القسمة على ثلاثة في العراق؟.. هل رصدتهم وهم يبذلون ماء وجوههم من أجل تمثيل الطوائف هناك بدلاً من تمثيل الشعب؟.
لو كان لهم موقف واحد في مناسبة واحدة تمنح البلاد مظهر القوّة والهيبة والاحترام أمام العالم، لما تجرّأ علينا من تجرّأ.
لكنها القسمة والانقسام وتعطيل الدستور واستمراء خرق القوانين وتجاوز الصلاحيات والسعي (بلا خجل) الى إقناع العالم والمحيط بأن في العراق طوائف فقط!...ولم يعد فيه أيّ شعب!.
نفخوا في نار الطائفية التي طالما رصفت لهم طريق الصعود، وتسلّقوا على تخويف الناس وإرعابهم من الآخر المُختلف...الآخر الذي هو مواطن طبيعي سلبوا طبيعته وحقوقه وبقي له حق واحد فقط : أن يكون جزءاً من الطائفة !.
ببساطة فإن ذلك الأداء أخرج لنا هذه النتائج، المسألة ليست بتعقيد الكيمياء أبداً.
ولأن السّيادة جدارٌ ذو وجهين، لا ينفع تلميعه من الخارج بينما هو ملطّخ بالانقسام وعدم احترام الدستور والقوانين من الداخل....
هذه أيضاً أسهل من كل دروس الكيمياء!.