المنبرالحر

قتل المعنويات لدى المواهب والمبدعين الشباب / سهير الوندي

اقترن معظم الدراسات التي تناولت مفهوم الروح المعنوية بالمقاتلين لتحفيزهم على القتال وكأنها حكر لهم وفي الحقيقة أن الروح المعنوية موجودة في داخل كل إنسان، وهي حالة نفسية شعورية نابعة من صميم الفرد تحثه على القيام بعمله على أكمل وجه ، وهي محصلة عوامل فكرية وروحية متعددة ومستوى ثبات الروح المعنوية يعتمد على درجة احتفاظ الفرد بالثقة بالنفس والثبات وعدم التزعزع والانهيار أمام الظروف الصعبة ، فالروح المعنوية العالية تساعد الأفراد بشكل عام على النجاح والتقدم واظهار الموهبة والابداع في شتى مجالات الحياة ، لذا من الخطأ أن نقول بأن المقاتلين هم وحدهم يمتلكون الروح المعنوية وخير دليل على ما أقول تداول مفردة المعنويات في الحياة العامة وبالأخص في العراق حيث يكون أول سؤال يرد أثناء الحديث بعد التحية عن المعنويات فالجواب يكون إمّا عالية أو عكسها ، فالمعنويات التي نتداولها في الحياة العامة هي الروح المعنوية التي تتناولها الدراسات العلمية .
بعد هذه المقدمة البسيطة سأدخل في صلب مقالي هذا. بين حين وآخر تظهر موهبة ما من كلا الجنسين من الشباب في مجال معين على شاشات الفضائيات أو نكتشفها على صفحات التواصل الاجتماعي وما ان تُبرِزْ هذه الموهبة ابداعاتها حتى تنهال عليها التعليقات اللاذعة والصور الكاريكاتيرية الساخرة والبعض يوجه إليها اقذر الألفاظ ويأخذ بعض النقّاد دورهم الفعّال في تدمير الموهبة وانتزاع الابداع منها بنقدهم الهدّام وبشكل أو آخر يساهم هؤلاء بتدمير معنويات المواهب والمبدعين بل بقتل الموهبة والابداع في أي مجال من مجالات الحياة وهذه السلوكيات المريضة والغير صحيّة تعبر عن اضطراب اصحابها نفسيا واجتماعيا حيث يتجذر في داخلهم الشعور بالنقص والفشل والحقد على النجاح الأمر الذي يثقل كاهل المجتمع بمثل هؤلاء المضطربين في الوقت الذي يحتاج فيه المجتمع إلى مواهب ومبدعيين ليرتقي ويتقدم علمياً وادبياً وفنياً وعموماً يرتقي ويتقدم ثقافياً ، فتثبيط معنويات الموهوبين والمبدعين يؤدي إلى زعزعة ثقتهم بأنفسهم وانهيارهم أمام كمٍ هائل من ردود أفعال وسلوكيات تهّجمية تتفاوت مابين الانتقاد الهدّام والسخرية والاستهزاء والاعتداء لفظياً وكل هذه الوسائل تعد سلوكيات عدوانية مضادة تحول دون تقدم المجتمع .
دعم الشباب الموهوبين والمبدعين وتنمية مواهبهم كونها طاقات حيوية لا بدّ من استثمارها لتقديم انتاجات اكثر تصب في مصلحة المجتمع مسؤولية تقع على عاتق الجميع ابتداءاً من المؤسسات المختصة مروراً بالإعلام وانتهاءاً بالأفراد ، وللإعلام تحديداً دور بارز في صعود وهبوط الموهبة والابداع ، لذا يترتب على الجهاز الإعلامي بمختلف وسائله الـ ( المرئية ، المسموعة والمقرؤة ) تنوير الأفراد وتوعيتهم للمساهمة في تشجيع الشباب الموهوبين والمبدعين ودعمهم معنوياً وعدم تسليط الضوء على الانتقادات السلبية والهدّامة التي لا تنتج عنها سوى تدمير الروح المعنوية ( المعنويات ) والحدّ من الانتاجات الابداعية ، فالمستوى الثقافي لأي مجتمع من المجتمعات يقاس بما يقدمه أفراده من انتاجات ابداعية في مختلف المجالات ( علمية ، ادبية ، فنية...إلخ ) . وأود اخيراً ان اذكر بأني أستثنيت من المسؤولية دور وزارة الثقافة لأنها وببساطة لا دور لها بسبب دخولها في غيبوبة أبدية كان الله في عونها وأتمنى لها الشفاء غير العاجل .