المنبرالحر

من يرفع عنا الذلة؟! / طه رشيد

بعيدا عن التغيير المنشود الذي وعدتمونا به وبعيدا عن الإصلاحات ومحاسبة الفاسدين والمفسدين، وبعيدا عن هدر المال العام بشكل لا يصدقه العقل! حتى أصبح الحديث عن ميزانية العراق الانفجارية في العام الماضي حديثا من دون جدوى لان المائة والأربعين مليار دولار وهي ميزانية أوطان عدة راحت بين الرجلين!
بعيدا عن هموم الصناعة والري والزراعة وبعيدا عن إعادة بناء البنية التحتية، وبعيدا عن تخفيض رواتب الموظفين وتطبيق التقشف على « المتقشفين اصلا» المتقاعدين!
وبعيدا عن هذا وذاك نقر لكم بأننا من شمال بغداد وحتى الفاو نعيش في مدن بعيدة عن دوي الطائرات والبراميل المتفجرة ولا يعكر صفو المدينة إلا القليل من المفخخات الجبانة ولم يزعجنا لا تدخل تركي ولا ايراني، لا روسي ولا أمريكي! ومع هذا فنحن نعيش «حالة» إذلال لم نشعر بها ولم تمارس ضدنا حتى في أحلك الأيام سوادا! لقد نسينا قيمة الوقت ولم نستطعم طعم «القيمة» بسبب الإذلال الذي يمارس ضدنا. ورحنا نشتم صبحا ومساء من قال « الوقت كالسيف أن لم تقطعه قطعك» ..نحن، يا سادة يا كرام، نقطع كل يوم وفي كل ساعة ويرموننا جسدا بلا روح، هيكلا خاويا لا حول له ولا قوة!
ولا أخفيكم سرا أننا نضحك ضحكة صفراء وبلهاء، يا فخامة الرؤساء الثلاثة، كلما نسمعكم ترددون عن حق أو باطل شعار « هيهات منا الذلة «! لأننا نعيش «الذلة» بعينها.
ولكي اختصر، علي وعليكم، اقول لكم أن من يمارس الذلة فينا هي «السيطرات» نعم السيطرات!
آخ لو جربتم صباحا العبور على جسر الجادرية أو على « أبو الطابقين» أو ذهبتم باتجاه جامع النداء أو .. اختاروا أية منطقة في العاصمة المحاصرة بالقمامة والسيطرات وستعرفون معنى الذلة.
أصبح المواطنون يفضلون العمل في المحافظات لأن الوصول اليها، انطلاقا من بغداد، أسرع من عبور دجلة!
يا سادة يا كرام جربوا مرة واحدة أن تأتوا متخفين، وإذا صعب الأمر عليكم فاحد مستشاريكم، وان تستقلوا سيارات غير رسمية، يعني غير مظللة وعليها أرقام واضحة! وامخروا عباب شارع الجمهورية من الشورجة إلى الباب الشرقي، ولكي تحسوا بذلنا وبشكل عميق أنصحكم أن تركبوا الباص الحكومي الأحمر طوخ أبو الطابقين ( سلحفاة شارع الجمهورية )، واذا استطعتم أن تنجزوا اكثر من معاملة واحدة، في دائرتين مختلفتين، فأنا أقبل العقوبة مهما كانت.
راح اموت وفي قلبي حسرة وهي أن أرى في الصحافة المرئية أو المقروءة بأن السيطرة الفلانية وضعت اليد على سيارة مفخخة!
ثم الإهانة الأكبر ولا أريد أن أقول الضحك على الذقون، هو العدة التي يستخدمها الجنود بفحص السيارات المارة في السيطرات وأقصد تحديدا لعبة الأطفال، المسدس -السونار، ودعوني اذكركم بان المنتج البريطاني لهذا السلاح الفتاك قد حكم عليه عشر سنوات سجن بالإضافة الى غرامات مالية كبيرة .. كل ما يحدثه هذا السلاح وكل ما تحدثه السيطرات هو الزحام القاتل للروح البشرية.
ابدأوا الإصلاح والتغيير برفع السيطرات، أطلقوا سراح المدن، افتحوا الشوارع المغلقة، ارفعوا «الصبات» التي شوهت حياتنا، ثم بعد ذلك حدثونا عن التغيير الذي تريدون..دعونا نتنفس. أبناؤنا يدفعون ضريبة الوطن في الجبهات مع داعش، فدعونا ننعم بالنصر وبالحياة.
وهيهات..!