المنبرالحر

العراق والفشل / حكمت عبوش

بعد ان قرأ صديقي ابو وفاء الخبر المنشور في سبتايتل قناة الحرية يوم 10/7/2013 والذي يقول: إن تقارير دولية جاء فيها ان العراق احتل المرتبة الـ11 في قائمة الدول الاكثر فشلا في العالم وان دولا مثل اثيوبيا و ارتيريا وجيبوتي وليبيا هي افضل منه رغم معاناتها من اضطرابات داخلية، سأل بمرارة أيستحق العراق ان يحتل هذه المكانة المتقدمة في الفشل بين دول العالم؟ فأجبته: مع الاسف العراق وصل الى هذه الدرجة بسبب اخفاقاته الكثيرة لتحقيق تقدم يذكر لصالح الجماهير العريضة التي كانت تنتظر على أحر من الجمر، المشاريع والمنجزات التي تخفف من شدة معاناتها من الحكم البعثي الصدامي البغيض ويتناسب مع ما يمتلكه في الاقل من ثروة نفطية وغازية رغم مضي عشر سنوات على انهاء الدكتاتورية وهنا تدخل صديقي الاخر ابو ضياء متحدثا بهدوء: رغم كل هذا فلا زال عندنا ملايين المسحوقين دون مستوى الفقر وملايين العاطلين عن العمل و منهم عدد كبير من خريجي الجامعات والمعاهد وما زلنا بحاجة الى اكثر من مليوني وحدة سكنية لسكنة الصرائف وبيوت الصفيح المنتشرة في الاحياء الهامشية في محافظات العراق المختلفة اما ازمات الماء والكهرباء والمستشفيات والمراكز الصحية والمدارس و وجود 7-8 ملايين امي، ناهيك عن احتمال اكيد بزيادتها بسبب تسرب الاف التلاميذ من مدارسهم سنويا و قد بحت اصوات الجماهير من الصياح لعلاجها وهنا عاد ابو وفاء المغرم بلغة الارقام والحسابات ليقول: أنا اكرر ما قاله الدكتور علي الشكري وزير التخطيط من أن خزينة العراق دخل اليها من عام 2004 الى 2012 (700) مليار دولار والسؤال اين ذهبت؟
ثم هناك العجز عن تقديم الحسابات الختامية في نهاية كل سنة مالية و اسال ايضا لماذا؟ هل هو افتقاد العراق للكوادر المحاسبية والمالية العالية الكفاءة ام هو تغطية لابد منها للمهدور والمستور. يقول الدكتوران مهدي الحافظ و احمد بريهي ان دولاً مثل السويد وفرنسا تقدم فيها الحسابات الختامية مرة واحدة او مرتين يوميا ونحن لم نقدم الحسابات الختامية منذ ثلاث عشرة سنة فانظروا الفرق.
وهنا قلت: ان هذه كلها ليست سوى جزءا من صفحة واحدة كبيرة ومهمة لمعاناة ابناء شعبنا في حياتهم اليومية ولكن هناك صفحة لا تقل عنها اهمية وهي صفحة الوضع الامني والسياسي بخطورته فمنذ بداية شهر تموز ولغاية 21/7/2013 سقط 525 شهيداً وسقط يوم 20/7 فقط 65 شهيدا ان هذا الهدر المجاني لدماء العراقيين وهي تروي ارض الوطن و كانها تزهق عبثا يحتاج الى وقفة جادة من قبل كل الكتل المتنفذة و طبعا اصبح معروفا امام كل ابناء الشعب العراقي انه كلما ازدادت الخلافات بين الكتل المتنفذة كلما ازدادت عمليات الاختراق الامني وزادت العمليات الارهابية عددا و تدميرا و تخريبا و كلما كانت الكتل الكبيرة على وفاق وتفاهم قل عدد عمليات القاعدة وحلفاؤها. ان هذه الدرجة المتقدمة في الفشل كان ينبغي ان تتحول الى درجة متقدمة في النجاح والتفوق نظرا لما يمتلكه العراق من كوادر علمية كفوءة وشعب قادر على البناء و اموال غزيرة لا نستطيع بها بناء البنى التحتية فقط بل ما فوقها من بناء مجتمعي حضاري شامخ في كل المجالات وهذا لا يكون الا بتحول رجال الحكومة الى رجال دولة حقيقين يضعون مصلحة العراق ومستقبله فوق المصلحة الشخصية والحزبية والعشائرية والمذهبية و الاثنية ويسعون بجد لبناء دولة مؤسسات دولة مدنية ديمقراطية تحقق العدالة الاجتماعية وتضع حدا لاعمال السرقة والهدر وبذلك سيحسب كل مواطن من موقعه مهما كان حساب، العمل و الوقت لتحقيق المزيد من الانجازات والتقدم وليس لتكريس الفشل وجعله واحدا من القياسات المعيبة التي يقاس بها مجتمعنا بشكل لايقبله اي انسان عراقي يمتلك الحد الادنى من الشعور الوطني بالمسؤولية وهذا مانراه في المجتمعات الحضارية المتقدمة التي ضربت ارقاما قياسية في التقدم والتطور والنجاح وليس الفشل.