المنبرالحر

الرئيس والأطباء..! / د. سلام يوسف

أن يلتقي بعض الأطباء، رئيس الجمهورية بمناسبة التهنئة بالعيد الوطني، أو بمناسبة أحد الأعياد الدينية أو القومية، أو ربما يلتقونه للتداول حول الأوضاع الصحية والبيئية في البلد وكيف ننهض بها من واقعها الذي لا يسر، كل هذا جميل ومنطقي ومقبول، إلاّ إنهم يلتقون الرجل كي يتدخل من أجل الإيعاز الى الجهات المعنية لبذل المزيد من الجهود في سبيل حمايتنا نحن الأطباء، فهذا أمر بحاجة الى أن نتوقف عنده.
يوم الاثنين 14/12/2015، التقى رئيس الجمهورية وفداً من الأطباء العراقيين الذين عرضوا عليه "إشكالية!" ما يتعرض له الأطباء من اعتداءات وبمختلف الحالات من التهديد والضرب الى الاختطاف والقتل، ويقول الخبر أن السيد رئيس الجمهورية، "قد دعا وزارة الصحة إلى تقييم الناحية القانونية والاهتمام بالشكاوى التي يتم رفعها بما يخص التجاوزات الحاصلة على الأطباء، وان يكون للوزارات المعنية دورها في حماية الأطباء من الاعتداءات التي يتعرضون لها، وقد أبدى استعداده لعرض هذه المشكلة على اجتماع الرئاسات الثلاث قريبا، إضافة إلى مفاتحة وزارة الصحة والداخلية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لغرض تأمين السلامة الشخصية للأطباء".
أولاً، نتوجه بالشكر الجزيل لسيادة رئيس الجمهورية في تعاطفه واهتمامه، ولكن الموضوع أبعد من الاهتمام بالشكاوى أو بدور الوزارات المعنية أو اتخاذ الإجراءات اللازمة، فالكل يعلم أن ما يحصل للأطباء هو جزء لما يحصل لكل شرائح المجتمع والذي هو بالنتيجة تحصيل حاصل للأزمة العامة للبلد، وثانياً، أيستوجب أن نلتقي رئيس الجمهورية كي تتخذ "الجهات المعنية" دورها؟ وإذا لم نلتقيه، أيعني أن تلك الوزارات أو الجهات لا تحرك ساكن؟
أرى أن الموضوع لا يكمن في مقابلة هذا المسؤول أو ذاك، فحماية المواطن (أي مواطن) هو من واجب الجهات التنفيذية في القيام بواجباتها التي نص عليها الدستور، فحماية المواطن من واجبات الدولة كما مثبّت بالدستور.
صحيح أن الأطباء هم أحد عناوين ثروة البلد العلمية والاقتصادية والإعلامية والاجتماعية والفنية والثقافية، ومستهدفون من قبل عصابات الإرهاب المنظم وغير المنظم، وصحيح إن استهدافهم يخلق حالة من الضجيج الأعلامي، وكذلك لكون الفدية التي تطلبها تلك العصابات، عالية تتناسب مع أهمية تلك العناوين، وأن واجب الحفاظ عليهم يجب أن تكون مضاعفة، ولكن هم جميعاً بالنتيجة جزء لا يتجزأ من مجتمع مزقته أزمة النظام السياسي، وغياب القانون وضياع هيبة الدولة وشيوع الفوضى والانفلات التام، وهذا يعني أنهم كباقي عناصر المجتمع لا يمكن حمايتهم والمحافظة علهم ما لم يتم القضاء على الأسباب التي أدت الى حصول الحالة الشاذة التي قابل وفد من الأطباء رئيس الجمهورية، من أجلها ولغرض الحد منها! والدليل على ذلك أن مجلس الوزراء أقر عقوبات صارمة ضد الذين يعتدون على الأطباء، والنتيجة عدم تطبيق تلك العقوبات، بل بالعكس ما حصل من بعد صدور تلك الأوامر، يدل على أن الجهات التنفيذية، خانعة، خاضعة لعرفْ البلطجية والمستهترين!
والأمر الأخر،أنا أتسائل، أيهما أقرب وأسهل، مقابلة رئيس الجمهورية، أم المشاركة بالتظاهرات الاحتجاجية التي يقوم بها الشعب وهو يناضل من أجل الإصلاح والقضاء على الفساد، بما فيها أعادة هيبة القانون والحد بل والقضاء على ما يتعرض له الأطباء؟ فحلول الأوضاع المزرية التي تجتاح البلد لا تحتمل التجزئة، وحينما تنتزع الحقوق فهي ليست لشريحة واحدة دوناً عن غيرها، إنما للمجتمع بأسره، لذا أنا أدعو زملائنا الأطباء بالتظاهر من أجل الإصلاح وليس بطرق أبواب المسؤولين، فالإجراءات الانضباطية تبقى حبر على ورق لأن الفساد والمفسدين هم المتحكمون الآن وليس مسؤولي المنطقة الخضراء!